قصيدة جديدة للدكتور محمد البلبال

🌿في صمتي يسكن الشجن 🌿

في صمتي يسكن الشجن
يتمدد في المسافات كظل طويل،
يقتفي أثر الغياب،
يتكئ على جدار الوقت،
ينزف ولا ينكسر.
غزة تنام على صدى الانفجارات،
تحلم بوطن لا ينهار مع الفجر،
لا يمسح أسماء أطفاله عن الإسفلت،
لا يُلملم بقاياه كل صباح.
في الخيام عيون جائعة،
تمضغ البرد كوجبة أخيرة،
تشرب الريح ماءً للريح،
تحدق في السقف المثقوب
كأنها ترى السماء للمرة الأولى،
ولا تسأل عن الغد.
وسوريا…
تجلس على حافة الدمار،
تحصي حجارتها المبعثرة،
وتحلم أن تعود البيوتُ بيوتًا،
أن يعود الزيتون أخضر،
أن تمسح السماء عن جبينها
غبار القصف والخوف.
والسودان…
عطشٌ، ونارٌ تأكل الخرائط،
أمواج دمٍ في النيل تسأل،
أيُّ ليلٍ هذا الذي لا ينتهي؟
أيُّ فجرٍ هذا الذي لا يولد؟
واليمن…
أرضٌ عطشى للحياة،
تحمل جراحها كأغنية قديمة،
تبحث عن صدرٍ يحتضنها،
عن خبزٍ، عن أمانٍ،
عن صوت طفلٍ لا يخاف القصف.
الأمم المتحدة ورق يتطاير،
كلمات مشروخة،
تشجب وتدين،
ثم تعود لتنام في حضن العجز والعوز.
العالم يتفرج من خلف زجاج سميك،
يتابع الأرقام،
يحصي الجثث،
يختار زاوية مناسبة للبكاء الافتراضي،
ثم يواصل حياته.
لكن… أليس لهذا العالم نهاية؟
أليست الأرض تتشقق تحت خطاياه؟
ألا ينذر الدخان المتصاعد من جثث الأبرياء
بأيام سوداء تنتظر الجميع؟
لكن غزة، وسوريا، والسودان، واليمن… لا تموت.
تنهض من رمادها كطائرٍ أزلي،
تحمل جراحها كوسام صمود،
تعانق الفجر رغم كآبة الليل،
وتهمس للدهر بصوت لا ينكسر:
“ما زلت هنا… وسأبقى.”