اللعبة الإنتخابية: إعادة تدوير المفسدين

الإنسان يبحث عما هو مفقود
د.محمد جستي
أهمية قدرة الأفراد على التفكير النقدي والتفاعل الواعي مع المحتويات في تقييم المصادر وفهم الرسائل المعروضة، التي تسعى إلى تعزيز ثقافة النقد البناء و قيم الديمقراطية، عبر تشجيع الحوار المفتوح والمساءلة، تقوّي من أداء الحكومات والمجتمعات.
إذ تُعتبر المواطنة النقدية عنصرًا أساسيًا لمجتمع صحي من أجل الدفاع عن العدالة الاجتماعية، والإسهام في العمليات الديمقراطية بوعي نقدي تجاه القضايا المجتمعية، المرتبطة بالمواطن عموما. حيث أن الشخصية السلبية تمتلك دائما مشكلة لكل حل، رفضا للواقع الإيجابي، رغبة في هزيمة الآخرين لأنها تحمل شحنة من الحقد تجاههم، هذا ما يتنافى والأخلاق والقيم.
فالإنسان يبحث عما هو مفقود، ويسعد بالممنوع، ويسأم من الموجود، ويتطلع لما لا يملك، ويتعجرف إذا تقلد منصبا، ويتواضع إذا فقده.
لهذا يصبح التفكير النقدي أداة أساسية في تحليل المعلومات بشكل موضوعي، مما يساعد الأفراد على تمييز الحقائق من الآراء المضللة.
فمن يعتقد أنه على صواب ، لن ينهل من الحياة شيئا.
إذ يحظى الأذكياء عموما بمحبة الحكمة والتعلم في حين يفضل الأغبياء إعطاء الدروس التي لا علاقة لها بالنضج الفكري الذي لا يأتي إلا من خلال خوارزميات تجارب الحياة.
على هذا الأساس نطرح السؤال التالي:
كيف يفكر الأمي؟
منطقيا وحسب الدراسات، يفكر بطريقة إلغاء التفكير، لأنه منشغل في خلق السعادة الدائمة وسط محيطه البسيط، لا يفكر ولا يستعمل عقله في مناقشة مشاكل الحياة، عكس المفكر الذي ينشغل بظروف الأمي المعيشية وطرح الإشكاليات لبسط الحلول الناجعة للجميع.
هذا ما ساهم في خلق تيارات انتهازية تستغل الأغبياء والأميين في خرق سافر للقانون، يتبنون من خلاله الريع السياسي. كما تعمل هذه التيارات على إعادة تدوير المفسدين كجزء من اللعبة السياسية، من أجل الحفاظ على الكراسي المحجوزة مسبقاً.
هذا لا يستثني واحد بالمائة من أصحاب الضمير الذين يحملون توجهات المصلحة العامة كمبادئ أساس. إذ، لو كان التصويت في الإنتخابات يأتي بالتغيير الذي يخدم المجتمعات والمصلحة العامة، لما سمحوا لنا به!
رغم أن من واجب السياسي المحنك الإلتزام بالضوابط القانونية الدستورية، وأخذ الحيطة والحذر مثل سائق السيارة من أجل السلامة والاستقرار، بالتركيز على المطبات الطرقية أمامه من مشاكل الأمة، دون أن يغض النظر على المرآة التي تساعده على رؤية ما يقع خلفه من المؤامرات، ومن الجانبين الأيمن من أهل الثقة والأيسر من المعارضة. حتى يحسن توزيع زكاة المال، المقصود بها (توزيع ثروات البلاد على الشعب بالتساوي حتى يتعافى الإقتصاد وتتقدم الأوطان و تنعم بالازدهار والاستقرار ) كما هو شأن الزكاة بالدول الغربية التي توفر لشعوبها ما ينص عليه القانون من حماية اجتماعية (العلاج المجاني ،السكن، العدالة، التعليم، الترفيه….) إنها الزكاة التي ينص عليها الإسلام بالمفهوم والتطبيق الغربي (ثروات البلاد يستفيد منها العباد) لكي تعم رحمة الله ويستفيد الجميع دون ميز ولا حيف ولا إستغلال للنفوذ.
هذا هو سبب المعيشة الضنكاء التي تتخبط فيها الدول الإسلامية من جفاف وحروب و مآسي إنسانية لأنها لا تؤدي الزكاة على الطريقة الصحيحة، عكس ما تقوم به الحكومات الغربية حيث تتطلب هذه التحديات استجابة جماعية توعوية من المجتمع، لتعزيز مهارات التفكير النقدي والقدرة على التعامل مع المعلومات بشكل فعال في المشاركة في مشاريع تنموية تساهم في تحقيق مجتمع متفاعل ومبادر.
د.محمد جستي