قصيدة شعر: د. حسن حامي
كتاب لم أقرأه
منذ عشرينَ سنة
أهدتني كتابًا
وضعتُه جانبًا
لم أَقرأه
و اليومَ و أنا أطاردُ
عنكبوتًا عشعشَ بين الرفوف،
احتمى بالغلاف
هاربًا مُعاتِبًا
استوقَفَني العنوان:
“سنلتقي غدًا في نفسِ المكان”
علَّقتُ مشروعَ العنكبوت
عن أي لقاءٍ يتحدثُ الكتابْ؟
اندفعت يداي
تبحثُ عن جوابْ
و كأنها نجاح سلام:
“عايز جواباتك
يعني انتهينا خلاص”
لا أبدا… لست أدري…
أولَ صفحةٍ كان إسمي
مزينًا بوردتين
حمراوتين
فوقهما خنجرٌ صغير
و ريشةٌ و دَواة
و عبارةٌ قصيرة :
“عندما ستفتحُ الكتاب
قد أكونُ مِئات الأميال
أتجوَّلُ بين الأموات
لن تقوى على قراءةِ
باقي الصفحات
أنتَ الجاهلُ
بأبسطِ الاشياء
فكيفَ بالمعقدات!”
فَتحتُ ثاني صفحة
كانت تتوسطها وردتان
صفراوتان
بينما اختفى اسمي
ومحلَّ الخنجرِ الصغير
حلَّت فراشةٌ
انطلقت باتجاهي ووشوشت:
” لو تجرأتَ حينَها
كنتَ اختزلتَ مسافات “
أغلقتُ الكتاب:
لن تفيدني قراءةٌ
مُتشنِّجةُ النَّبرات
و أنا منذ عشرين سنَة
أتسكعُ في الطرقات
كلُّ الكتبِ التي قرأتُها
كانت يَتيمةَ المعاني
هزيلةَ النواة
كنتُ حطّاَبًا
عشابًا
قَليلَ التفاني
كانت جدولًا
رائعَ الانسياب
يَحجبُ عني الرطوبةَ
في عزِّ الأَزمات
استبدَّت بي رعشةٌ مفاجئة
سقطَ الكتاب
وتواترتِ الآهات
وكأنها تحاولُ
عَقد آخر الصفقات
منذُ عشرين سنة…
(…)
منذ (…)
يكشفُ الزَّمنُ
أنَّ العبرةَ
في خطوةٍ أولى
تدَلِّلُ العَقبات
و الباقي… كلام
يتجوَّلُ بينَ النُتوءات
و التَهيؤات
لا رأيَ لهُ
في ما مضى
و لا لهُ سبقٌ
في ما هو آت
دجنبر 2024