مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو
مهرجان حب الملوك انطلق قبل مائة سنة
: أعدت اللجنة المنظمة ورقة في الموضوع نقتطف منه لقراء جريدة ألوان ما يلي
يحتفى بفاكهة الكرز وما ينسج حولها من معارف ومهارات وأشكال تعبيرية واحتفالية ، وهو مناسبة للوقوف على ما ظل المهرجان يجسده من قيم منذ تأسيسه بمدينة صفرو ، سميتها التسامح والتعايش بين مكونات المدينة الثقافية والدينية ، ونسج عرى المودة والعيش المشترك الامن في مدينة عريقة ذات إرث مدني ثري متنوع، سواء في منتجاته المحلية أو الصناعية. تقترح الدورة المئوية للمهرجان المنظمة في الفترة ما بين 6 و 9 يونيو 2024 فقرات فنية وثقافية متنوعة ، تسعى إلى إبراز مختلف المهارات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية و السياحية المحيطة بفاكهة حب الملوك ، وإقامة عدة معارض موضوعاتية وملتقيات فكرية وفنية ، بالإضافة إلى التقليد الذي دأب عليه المهرجان منذ تأسيسه والمتمثل في انتخاب ملكة حب الملوك ووصيفاتها
أولا : المدينة المحتضنة
هي مدينة صفرو التي تبعد بحوالي 70 كلومتر عن مدينة فاس عاصمة الأدارسة ، وهي مدينة جبلية بالأطلس المتوسط ، ذات طابع حضري ، وكانت تسمى قديما باسم أهل صفرو ، ورغم أنه لا يوجد أي اتفاق حول أصل
هذه التسمية إلا أن هناك من يرجعها إلى اللغة الأمازيغية المشتقة من كلمة أصفروا وتعني المنطقة المحفرة . وهناك من يرى بأن أصل التسمية يعود الى كلمتين أمازيغيتين وهما أمزو و أس وتعني الاولى الهاربين أو المختبئين ، أما الثانية فتعني المكان . وبالتالي في تعني المختبئين . وبالعودة إلى المصادر التاريخية نجد انها تأسست في القرن السابع الميلادي ، كقلعة حصينة ومعظم قبائلها من أصول أمازيغية . وقد استقر به المولى ادريس الثاني زهاء ثلاث سنوات قبل أن ينتقل إلى مدينة فاس ، وفي هذا الصدد قال : سأرحل من مدينة صفرو إلى قرية فاس ، وبسبب الصراعات الداخلية ظلت هذه المدينة تحت حكم المغراويين إلى أن ظهرت دولة
المرابطين وتمكن يوسف بن تاشفين من الدخول إليها في سنة 1063م ، ومنذ ذلك الحين أصبحت صفرو قاعدة لقبائل صنهاجة الأمازيغية القادمة من الصحراء . في 1441م هاجمت قوات الموحدين بقيادة عبد الرحمان بن زجو مدينة صفرو واستولوا عليها وأصبحت تابعة لنفوذ الموحدين . وبعد ذلك تمكن المرينيون في عهد يعقوب بن عبد الحق ، من الاستيلاء عليها .وقد شهدت استقرار بعض الأندلسيين المطرودين من الأندلس ، لتنتقل بعد ذلك هذه المدينة إلى حكم الوطاسيين . وبعد استيلاء محمد الشيخ على فاس من الوطاسيين ، بايعه أهل المدن المجاورة ومنهم صفرو ، فأصبحت بذلك تابعة للدولة السعدية في 1696 . وبعد أن قامت السلطات الفرنسية باحتلال المغرب، ستعرف هذه المدينة انتفاضة شعبية وفي سنة 1953 سيتم الهجوم على تكنة للجيش الفرنسي بمنطقة سيدي بوسرغين بمدينة صفرو ، وهو الأمر الذي خلدته المناضلة رحمة حموش المعروفة بالبهلولية
ثانيا : مهرجان حب الملوك هو شيخ المهرجانات المغربية
ويعرف هذا المهرجان كذلك باسم Chery Festival ويعود السبب في تسميته بمهرجان حب الملوك إلى أن هذه الفاكهة اشتهرت بكونها تعالج مرض النقرس الذي كان يطلق عليه بين السكان المحليين ب ( الملوك) وبذلك سمي فاكهة الكرز بحب الملوك حيث عرف عنه فوائد صحية كثيرة من أهمها المساعدة على علاج هذا الداء ، ومن هنا جاءت تلك التسمية . وقد كانت فكرة الاحتفال تستند على تنظيم موكب استعراضي يجوب شوارع المدينة ، تتقدمه دمية مصنوعة من القصب ترتدي ملابس نسائية وذلك قبل اعتماد ملكة حقيقية ، تماشيا مع الأعراف المحافظة. ويرجع الفضل في تنظيم أول دورة من هذا المهرجان لحاكم مدينة صفرو آنذاك الفرنسي بيير سوغان ، الذي استلهم فكرة الاحتفال بفاكهة حب الملوك من مهرجان مماثل كانت تنظمه بلدة أوليفي المتواجدة بضواحي مدينة تولوز الفرنسية ، والتي تنتج نفس الفاكهة . وفي سنة 1934تغير اسم المهرجان ، ليصبح رسميا مهرجان حب الملوك وهي السنة التي سيتم خلالها تعويض دمية القش بملكة حقيقية ، وبقي مشاركة كل الأديان والأجناس في هذا الاحتفال ، إحدى الملامح الحضارية والإنسانية التي عُرِفت بها مدينة صفرو ، وأضحى تقليدا فرجويا يقصده السياح من كل المدن المغربية وحتى من خارج البلاد ، وتم ابتكار العديد من الوسائل الاحتفالية الجديدة والتي تتماشى مع التغيير الذي عرفه المجتمع المغربي . وفي سنة 2006 تأسست جمعية حب الملوك وأصبحت هي المسؤولة عن تنظيم هذا المهرجان وفي 2010 ستتأسس جمعية أخرى ، أطلق عليها اسم ( الحدث ) وال إليها أمر تنظيم مختلف المهرجانات والمواسم على صعيد إقليم صفرو ، وتعزز الأمر بإنشاء مؤسسة حديثة بمشاركة الجماعة الترابية ( بلدية صفرو ) لتكون المسؤولة عن تنظيم المهرجان الذي تم تصنيفه كتراث إنساني لا مادي من قبل منظمة اليونسكو في سنة 2012 ، وذلك خلال الدورة السابقة لاجتماع اللجنة المكلفة بالمحافظة على التراث اللامادي المنعقدة ما بين 3 و 7 دجنبر 2012 بالعاصمة الفرنسية باريس ، فقررت تصنيف هذا المهرجان الذي تحتضنه مدينة صفرو منذ 1919 . تراثا ثقافيا لا ماديا للإنسانية ، وقد تم هذا التصنيف بطلب من وزارة الثقافة المغربية ، بناء على ملف أُعِدَّ لهذا الغرض بدعم من السلطات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني
ثالثا : المهرجان في ذكراه المئوية
بعد أن ألغي مهرجان ملكة حب الملوك لثلاث سنوات متتالية 2020 و2021 و 2022 بسبب القيود التي فرضتها جائحة كورونا ، تأتي سنة 2024 لتحدد شروط المشاركة في اختيار ملكة جمال حب الملوك ، في أن تكون المرشحة من جنسية مغربية عمرها ماين 18 و 26 سنة وذات سمعة حسنة ولا يقل طولها عنة 1،65 م وتتمتع بمستوى ثقافي كبير وأن لا تكون لديها سوابق عدلية ، ومن معايير الانتقاء : الثقافة العامة ، الأناقة ، الكاريزما ، الجمال ، تعدد اللغات ، مشروع المستقبل للملكة المتوجة ، القدرة على الانخراط في العمل الجمعوي الموجه لصالح نساء وشباب وأطفال المنطقة بالإضافة إلى الدواعي الشخصية والاجتماعية للمرشحة
رابعا : قراءة في المهرجان
لقد أقيمت النسخة المئوية لهذا المهرجان في الفترة الفاصلة ما بين 6 و 9 يونيو تحت شعار : حب الملوك مائة عام من العطاء ، وهو المنظم من طرف وزارة الشبيبة والرياضة والثقافة والتواصل ، تحت الرعاية الملكية السامية ومما جاء في كلمة الافتتاح التي ألقيت نيابة عن وزير الشباب والثقافة والتوصل ، ما يلي : ينبغي في هذه الذكرى المئوية للمهرجان استحضار بعظيم التقدير والعرفان ، كل من ساهم في هذه المسيرة الشامخة ، الراحلين منهم والأحياء وكذا شركاء هذه التظاهرة
وقد ترأست لجنة التحكيم الممثلة لطيفة أحرار ، وضمت الإعلامية زينب صابر والمخرج والأستاذ الجامعي عبد الفتاح أبطاني . وتوجت خلاله الشابة بشرى أباجا المنحدرة من منطقة تاهلة التابعة ترابيا لإقليم تازة والمقيمة بمدينة صفرو، بملكة جمال حب الملوك لموسم 2024 ، وهي طالبة حاصلة على الماستر من المعهد الوطني للآثار والتراث بالرباط
ووصيفتها الأولى : غيثة برجي المنحدرة من فاس ، أما الوصيفة الثانية فهي زينب أعوين المنحدرة من إيموزار كندر
وعن البرنامج العام لهذه الاحتفالية فقد كان كالتالي: الحفل العام بمقر البلدية ، الذي نشطته سناء الزعيم وتضمن اختيار ملكة جمال حب الملوك
:حفل الافتتاح الرسمي للمهرجان ونشطه الإعلامي رشيد الادريسي وتضمن
عرض فني للفرقة الموسيقية للبحرية الملكية
كلمات الافتتاح :شملت كلمة وزير الشبيبة والثقافة والتواصل ، وقد ألقيت بالنيابة عليه . واعقبتها كلمة المجلس الجماعي لمدينة صفرو
مراسيم تتويج ملكة الجمال ووصيفاتها
عرض فني لطائرات المسيرة Drones
أغنية المهرجان التي خص بها الفنان نعمان لحلو هذا الاحتفال
أغنية لمياء الزايدي
مجموعة حصبة كروف
وأقيمت انشطة عبر منصتين الأولى تكلف بتنشيطها رشيد الادريسي. والثانية الإعلامي يونس عوين وعرفت مشاركة العديد من الفنانين والطوائف والمجموعات
وشهد حفل موكب ملكة حب الملوك وكلمة الوزير المسؤول عن القطاع ، مع تسليم الدروع وحفل الشهب النارية . مع مشاركة مكتفة للعديد من الفنانين والفرق الغنائية الشعبية والتراثية
.وعلى هامش هذا المهرجان نظم معرض جهوي للنشر والكتاب .وأقيمت ندوات فكرية ووقعت بعض الإصدارات. وخصص فضاء للتبوريدة