تساؤلات عن الذكاء الاصطناعي

تساؤلات عن الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي: هل هو السيف الذي يقطع رقاب العمال ؟

نواصل نشر المقالات التي يوافينا بها الدكتور مهدي عامري حول: الذكاء الاصطناعي

               د. مهدي عامري 
 هل يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يحل محل الموظفين ؟*
 هل يمكن ان يعوض العمالة و يتركها تتجرع مرارة البطالة ؟*
لماذا هناك الان مخاوف لا تحصى على الصعيد العالمي بخصوص تهديد الذكاء الاصطناعي للمهن البشرية ؟ *
قبل عام تقريبا من كتابة هذه السطور ، اي في عام 2023، تصاعدت المخاوف بشأن تهديد الذكاء الاصطناعي التوليدي للوظائف البشرية، خاصة مع بدء عدد كبير من شركات التكنولوجيا عملية تسريح الموظفين
و الامثلة هنا كثيرة : شركة غوغل، أو ألفا بيت، على سبيل المثال، ركبت عام 2024 موجة تسريح الموظفين، تمامًا كما فعلت في بداية 2023
:دعونا نبين هذا بلغة الارقام الصادمة
في يناير 2023، أعلنت غوغل عن استغنائها عن حوالي 12 ألف موظف، أي ما يعادل 6% من قوتها العاملة، وذلك بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، مما نجم عنه انخفاض إنفاق المعلنين. وفي بداية 2024، خفضت غوغل عدد موظفيها في قسم مبيعات الإعلانات عبر الإنترنت، مبررة ذلك بإعادة هيكلة سنوية، إلا أن موقع Business Insider أفاد بأن غوغل قامت بأتمتة عملياتها بشكل غير مسبوق استنادا على الذكاء الاصطناعي انطلاقا من الشهور الاخيرة لعام 2023
لا ينتهي الامر هنا : غوغل لم تتوقف عند هذا الحد؛ فقد دمجت أدوات الذكاء الاصطناعي في خدمة Google Cloud للحوسبة السحابية، وأعلنت منذ يناير 2024 عن أدوات جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، تتيح للعلامات التجارية إنشاء وكلاء افتراضيين للتفاعل مع المستهلكين على مواقع الإنترنت وتطبيقات الهاتف المحمول لنفهم الامر بشكل اوضح، يجب الاشارة الى ان هذه الأدوات تتيح أيضًا إنشاء صور للمنتجات، و تحليل الصور، وإنشاء نصوص وصفية مرتبطة بها، بالإضافة إلى أوصاف جذابة ومقنعة للمنتجات، والبيانات الوصفية، واللغة المتوافقة مع معايير تحسين نتائج محرك البحث. وبهذا، أصبحت الشركات والعلامات التجارية قادرة على استبدال موظفي هذه المهام بربوتات الذكاء الاصطناعي
و بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، تزامنت الموجة الثانية من عمليات التسريح في غوغل مع مستهل 2024، حيث تم الاستغناء عن أكثر من 1000 موظف من الفرق العاملة على مساعد غوغل وأجهزة نيست الذكية ومختبر الواقع المعزز وساعات Fitbit المتصلة
ان غوغل ليست الشركة الوحيدة التي استغنت عن جزء من عمالتها في ظل الثورة الكاسحة للذكاء الاصطناعي، فمع التطور الهائل للذكاء الاصطناعي التوليدي، فضلت العديد من الشركات التخلص من جزء من العمالة، دون أدنى شعور بالذنب.. لماذا ؟ لان “حمار الطاحونة”، الان، هو بكل بساطة فريق متعاون من ماكينات الذكاء الاصطناعي
:وفي السياق نفسه، لدينا ارقام محبطة صادمة اخرى عن تسريح العمالة في زمن الربوتات الذكية اليكم الارقام
نشرت صحيفة واشنطن بوست، في الشهور الاخيرة، تقريرًا عن منشئي محتوى تم استبدالهم بالكامل بأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما أدى إلى فصلهم من العمل
 مؤخرا، أعلنت شركة Duolingo عن تسريح 10% من موظفيها واستبدالهم بالذكاء الاصطناعي لتطوير دوراتها التعليمية، مشيرة إلى أنها تهدف إلى رفع مستوى الإنتاجية والكفاءة باستخدام التكنولوجيا
من جهتها، استغنت شركة Onclusiv المتخصصة في تحليل الاتصالات والإعلام، عن أكثر من نصف موظفيها في فرعها الفرنسي، مبررة ذلك بضرورة الاعتماد الاساسي على الذكاء الاصطناعي في بيئة تنافسية جديدة و تطور تكنولوجي غير مسبوق
تكفينا هذه الارقام.. لنتوقف لحظة
رغم هذه الإجراءات التعسفية، تظهر الدراسات الحديثة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يمكنه استبدال البشر بشكل فعال في جميع المهام، خصوصًا تلك التي تتطلب المهارات الاجتماعية والعقلانية البشرية، و على راسها الذكاء العاطفي. بل إن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تخلق فرص عمل جديدة وتحديات وظيفية لا يمكن للتكنولوجيا القيام بها. فعلى سبيل المثال، تتطلب الوظائف التي تتعلق بالتفاعل مع العملاء والتفاوض وحل المشكلات الاجتماعية مهارات إنسانية معقدة يصعب على الآلات محاكاتها
من ناحية أخرى، تظهر بعض الشركات نماذج إيجابية لاستخدام الذكاء الاصطناعي دون الاستغناء عن الموظفين. فشركة IBMعلى سبيل المثال، قامت بتطوير نظام ذكاء اصطناعي يساعد المحامين في تحليل الوثائق القانونية و اعداد الملفات، مما يتيح للمحامين التركيز على المهام الاستراتيجية و التفاعلات البشرية
ختاما، نشير الى مل يلي: * إن المستقبل القريب سيكشف لنا مدى تأثير هذه التطورات على سوق العمل. فبينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل بعض الوظائف، فإنه يفتح أيضًا أبوابًا جديدة لتطوير مهارات جديدة وخلق وظائف تتطلب تفاعلات بشرية معقدة
ان التحدي الحقيقي يكمن في كيفية تحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا المتقدمة والحفاظ على المهارات والقيم الإنسانية غير القابلة للاستبدال و التعويض *
ان تشريع اخلاقيات صارمة و ملزمة، على الصعيد الدولي، تراقب و تقيد قرارات الشركات و اساليب عملها هو الحل الوحيد الذي يقف في وجه السيف القاطع الموجه الى رقاب العمال و الموظفين في ظل ثورة الذكاء *
الاصطناعي
د. مهدي عامري *
* خبير الذكاء الاصطناعي و الرقمنة، كاتب و استاذ باحث *
المعهد العالي للإعلام و الاتصال، الرباط، المغرب

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com