ورشة تكوينية لفائدة الصحفيين الشباب
ثمار ورشة تكوينية لفائدة الصحفيين الشباب: تجربة ناجحة وواعدة
“ربورتاج مكتوب حول: “الخبز الكارم
سبق لمديرية وزارة التربية الوطنية، والتعليم الأولي والرياضة بمولاي رشيد، أن أشرفت أواخر شهر فبراير المنصرم على تنظيم ورشة تكوينية للصحفيين الشباب، تحت شعار “بيئة متجددة ومبادرات ملهمة في مغرب متضامن”. ويندرج هذا النشاط في إطار الشراكة المبرمة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة
هذه الورشة التكوينية التي فتحت في وجه مجموعة من التلميذات والتلاميذ، الذين يمثلون الأندية البيئية بمؤسساتهم الثانوية الإعدادية والتأهيلية، ربطت بين موادها وفقراتها السيدة المنسقة الإقليمية للتربية البيئية والتنمية المستدامة بمولاي رشيد، الأستاذة سلوى اليعقوبي
وقد أطرت هذه الحلقة التكوينية، من قبل أخصائيين في مجالي الصورة الفوتوغرافية والفيديو المصور، أما الربورتاج المكتوب، الذي يعنينا أمره الآن، فكانت مهمته قد انيطت بالشاعر والناقد الدكتور محمد عرش، الذي استهل مداخلته للصحفيين الشباب، بعرض موجز حول تاريخ الصحافة بشتى أصنافها، ليعرج معهم حول مجموعة من التقنيات الخاصة بإنجاز مادة صحفية مكتوبة. هذا الشق من التكوين أثمر ربورتاجا مكتوبا، من قبل الصحفيين الشباب لثانوية جعفر الفاسي الفهري، وهم ست تلاميذ، أربعة منهم يتابعون دراستهم بالجدع المشترك علمي، واثنان منهما يدرسان بالسنة الثانية بكالوريا، اشتغلوا بهمة وحماس كبيرين بتأطير من الأستاذة نجمة أبو الحسن. وفيما يلي موضوع هؤلاء العاشقين الشباب لسحر السلطة الرابعة
“طريف د الخبز”.. الهم اليومي ل “بامحمد” في جمع “الخبز الكارم”
يقوم عمل “بامحمد” بشكل أساسي على تضامن البيضاويين معه، حيث يخرجون له الخبز مع نهاية كل يوم، ليحصل عليه، في صباح اليوم التالي. “خبيز كارم الله يرحم الوالدين”.. هكذا يبدأ الرجل السبعيني “بامحمد” يومه وهو يجوب أزقة البيضاء، لكسب قوت يومه. يجمع بقايا الخبز أو ما يسمى ب “الخبز الكارم” من منازل أحياء المدينة. بكثرة تكرار “بامحمد” لعبارته، أضحى صوته مألوفا لدى كبار الحي وصغاره، كما أضحى البعض ينتظره عند ساعة معلومة حسب الأحياء التي يمر منها، وهو يدفع عربته الصغيرة بتثاقل، بحكم سنه. يقوم عمل “بامحمد” بشكل أساسي على تضامن البيضاويين معه، وما يفرحه، هو فرز ساكنة الحي للخبز، ووضعه في أكياس مع ابتسامة لا تفارق محياهم، و عبارة “الله يسهل” التي اعتاد سماعها منهم في كل مرة، لينهي “بامحمد” يومه متجها نحو محل لبيع ما حصل عليه من تجواله في الأزقة والأحياء البيضاوية طوال النهار، بثمن ضئيل لا يتعدى الدرهمين للكيلوغرام الواحد، لكن مبدأ هذا الشيخ القنوع في الحياة يتمثل في إيمانه بحكمة “كل نهار ورزقو”. منذ أن بدأ في مزاولة هذا العمل قبل سنوات، وهو يرضى بمكسب يومه الذي ينفقه على عائلته، لكن عمل “بامحمد” لا يقتصر فقط على جمعه الخبز اليابس من المنازل، ففي بعض الأحيان يلجأ للمخابز أيضا. عند وصول الخبز اليابس للمحلات بالتقسيط تبدأ رحلة الاقتصاد الدائري لهذه المادة الحيوية
بعد جمع “هذا الخبز الكارم” من طرف أناس مثل “با محمد” وبيعه، يخضع لعدة عمليات قبل إعادة استعماله، حيث يجفف تحت أشعة الشمس لتفادي أي إفرازات أو تعفنات، ثم يتم بعد ذلك بيعه للتجار بالجملة ليصل الضيعات الفلاحية، إذ يخلطه الفلاحون مع العلف للماشية، وخاصة في فترات الجفاف، لتصبح له إيجابيات عدة كتكلفته المنخفضة، واحتوائه على عدة مواد حيوية تجعل منه نظاما غذائيا مناسبا للدجاج والبقر والأغنام
إن استعمال الخبز اليابس، كعلف لا يساهم فقط في تقليل هدره، بل غدا اقتصادا قائما في حد ذاته، بحيث ينخرط “الخبز الكارم” في عملية التدوير الاقتصادي، انطلاقا من الساكنة التي تتعامل بعناية مع هذه المادة كنعمة مقدسة تقدمها مجانا، وتستهدف ربحا من نوع خاص وهو الأجر والثواب عند الله عز وجل، ثم أصحاب العربات “الكروسة” الذين يقومون بجمعه وبيعه إلى تجار بأنصاف الجملة والتجار بالجملة، الذين يقومون بدورهم ببيعه لأصحاب الضيعات الفلاحية. إن تجارة “الخبز الكارم” تساعد بشكل كبير على إخراج فئات عريضة أمثال “بامحمد” من الهشاشة الاجتماعية والفقر، أو في التخفيف من حدته على الأقل، حيث يستطيع أصحاب العربات المجرورة جمع 50 إلى 70 كيلوغراما من الخبز اليابس في المتوسط كل يوم، وهو ما يدر عليهم مبالغ مالية تمكنهم من الحصول على قوت يومهم
إن رحلة “الخبز الكارم” عبر دورته الاقتصادية لن تنسينا أن القمح أصل مادة الخبز. فانخراط البيضاويين ككل المغاربة في فرز “الخبز الكارم” والتطوع في الحرص على إيصاله “لموالين خبيز كارم” لإعادة تدويره واستعماله كعلف قد يعالج بشكل ما مشكل هدر الطعام، الذي لا تخفى على أحد انعكاساته السلبية على الموارد الطاقية والمياه المستخدمة حتى نتوصل برغيف خبز كل صباح ومساء
هناك دراسة تؤكد أن دورة إنتاج الخبز تسبب الاحتباس الحراري حيث ان كل رغيف خبز يرسل حوالي نصف كيلو من ثاني أكسيد الكربون و43% من هذه الانبعاثات يرجع إلى الأسمدة المستخدمة في زراعة القمح. ويعد هدر الخبز علامة على الإفراط في الاستهلاك مما يستدعي ضرورة تفعيل سياسات ترشيد استهلاك الخبز في بلدنا. وفي هذا الصدد أكد الحسين الزار، رئيس الجامعة الوطنية للمخابز والحفلات، في لقاء معه على ضرورة ترشيد استهلاك مادة الخبز، وسلك كل السبل للحفاظ عليها، وخصوصا أن المغرب لا يحقق الاكتفاء الذاتي في مادة القمح، وأشار كذلك إلى أن المغرب قام باستيراد ما يقارب الثلثين من الحاجيات من دول الخارج، أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا الاتحاد الأوروبي، مما يؤثر سلبا على اقتصادنا الوطني
يدفعنا هذا الوضع إلى التفكير والعمل على إيجاد كل السبل، من مشاريع فلاحية مستدامة ومبادرات علمية، تشجع على إعادة تدوير بقايا الخبز وتطوير مواد صديقة للبيئة تستخدم كمخصبات للتربة وعلف للماشية، ذي جودة عالية مما سيعود بالنفع على الاقتصاد والبيئة والصحة على حد السواء
كل الأمل الآن معقود على ساكنة العاصمة الاقتصادية، لتنخرط بكل روح المواطنة والتضامن، من أجل ترشيد الاستهلاك “لطريف دالخبز” وكل موارد الطاقة في بلدنا والاستجابة لمعايير المدن المستدامة التي تحرص على تلبية احتياجات الأجيال الحالية والقادمة
:الصحفيون الشباب لثانوية جعفر الفاسي الفهري
هاجر طبشين – ريان منير – جنات بشري- طه الحاميدي – زكرياء حماوي – محمد غفير