سلطان باليما: الدهاء الذي أفضى به للسجن
سلطان باليما: الداهية الوزاني
عرف المغرب خلال الفترة الاستعمارية وبداية الاستقلال شخصية عرفت بالذكاء والدهاء في نفس الوقت، فبفضل هاتين “الخصلتين” اللتين استطاع أن يوظفهما في النصب والتحايل والإحتيال، وانتحال صفة… ، طالت أسمى الشخصيات حينذاك بالبلاد، فزوار الرباط وشارع محمد الخامس ورواد فندق باليما بالتحديد في ذلك الوقت كان لهم موعد مع شخصية فريدة ونادرة هي شخصية سلطان باليما. وباليما هي اختصار للحروف الأولى للمستتمرين الفرنسيين الذين كونوا اسما تجاريا واحدا : باردي/ ليونيل / ماتياس . كانت الرباط ملتقى الأعيان السياسيين و المثقفين ورجال الأعمال الأوروبيين وبعض الشخصيات الاستعمارية ، وقلة من المغاربة المحدودي الدخل، حيث كان فندق باليما ومقهاه حكرا على عينة من علية القوم ونخبته، باستثناء شخص بسيط منحدر من مدينة وزان ، بلكنته الجبلية استطاع أن يجد له قدما بهذا الفضاء المرموق، فادعى أنه من الأسرة الملكية و ذو نسب شريف . ولكي يضفي على نفسه هذه الصفة ويظهر بمظهر الشريف ، اتخذ من اللباس المخزني رداء ، كالجلباب والبلغة والبرنس/” السلهام” الأبيض والطربوش الأحمر، وعكازا ارستقراطي الشكل، ، يمشي بخيلاء، مدخنا سيجارة أمريكية، مضفيا على نفسه صفة رجل سلطة من سلالة السلاطين ، و بهذا المظهر استطاع أن يتقن دورا كبيرا للاحتيال عن طريق النصب والخداع . فقبالة “مقهى باليما ” كانت توجد محكمة الاستئناف ، مقر البرلمان الحالي، حيث كان المتقاضون والباحثون عن منقذ لهم من المظالم كثيرون، وبذكائه الحاد استطاع أن يتربص بالمتقاضين من ذوي المال، وبلغته وشكله الذي يبعث على الاطمئنان ، استطاع أن يتدخل في الأحكام أكثر من مرة، بل بلغت به الجرأة والدهاء إلى إخراج متهمين من داخل المحكمة ، ولم يسلم من نصبه بعض الوزراء والبرلمانين، وحتى المرضى
ومن الطرائف أنه استطاع أن يبيع مدافع قصبة الوداية لأحد السياح الأجانب، وعند محاولة اقتلاعها وأخذها ، حاصرته القوات العمومية، وكانت هذه الواقعة سببا في اعتقاله ، وسببا في تسميته سلطان باليما . فقد اعتاد على كراء سيارات فارهة بسائق ، يمولها من عمولات النصب ، ويطوف على العمالات، ويوهم العمال بأنه مبعوث من القصر، وذلك لتلبية طلبات مواطنين . وبحكم انتمائه إلى مدينة وزان وقربه من محمد بالحسن الوزاني الأمين العام لحزب الشورى والاستقلال، فإنه كان يكره الاستقلاليين وينعت أتباع علال الفاسي ( ببكرعلال: بقر علال)
ومن الأشياء التي كان يمتاز بها سلطان باليما – البنية القوية وإلمامه باللغة الفرنسية ، وقد سبق لجريدة لوفيغارو أن وقعت في شباكه وتسابق الصحفيون في أخذ تصريح له بغاية معرفة موقفه من الاستقلال مستغلا نفس الصفة . فعندما ضاق القصر بتجاوزات هذا النصاب، تم تقديمه للعدالة وحكم بالحبس النافذ، وللغرابة تم منعه من ارتداء اللباس المخزني ، ومن التواجد بمحيط باليما
وبهذا الحكم فقد رأسمال نصبه (اللباس المخزني )
للإشارة، فسلطان باليما رغم ما كانت تدر عليه حرفة ” النصب” من مداخيل، غير أنه لم يكن يملك بيتا يأويه