“تطريزات تاريخية رقم 5″أمي فامة
فاطمة عزاير: في ذكرى رحيل “أمي فامة”: أيقونة النضال في مواجهة الاستعمار
استمررا لنسج تطريزاتنا التاريخية ، نخص قراء ومتتبعي جريدة ألوان الإلكترونية بالمقطع الخامس منها الذي خصصناه للمناضلة فاطمة عزاير المعروفة باسم أمي فامة ، مستهلين هذه الوقفة بالاشارة المقتضبة للعديد من النساء المغربيات اللواتي تركن الأثر الكبير في صحيفة المقاومة والنضال ضد المستعمر الأجنبي، راجين أن نكون موفقين في إماطة اللثام عن إحدى الصفحات المشرقة من تاريخ الحركة النسائية ببلادنا
كثيرات هن النساء المغربيات المناضلات اللواتي نقشن أسماءهن بمداد الفخر والاعتزاز في الذاكرة الجماعية ، وهن يتصيدن فلول المستعمرين الأجانب بحيث قدمن أرواحهن فداء للوطن ، مساهمات في نشر ألوية الحرية والانعتاق، نساء قاسين مختلف أنواع القمع والتنكيل ، وساهمن في معارك التحرر عبر امتداد رقعة الوطن ، وإنصافا منا لهن وتعريفا بهن لأجيال المستقبل، تأتي إشاراتنا هذه ، وتوقفنا عندهن من باب الاعتراف والعرفان بالجميل، وعلى سبيل المثال لا الحصر نستحضر السيدات التالية أسماؤهن: فاطمة الزهراء بنت مولاي الحسن البلغيتي: هي أول شهيدة سقطت خلال مظاهرة المشوربمراكش عام 1953
مليكة الفاسي: الموقعة الوحيدة على وثيقة 11 يناير للمطالبة بالاستقلال ، وكانت واحدة من أوائل النساء اللواتي انضممن إلى الحركة الوطنية في عام 1937، بالإضافة إلى أنها كانت عضوة في جمعية النساء المستقلات
رحمة حموش: المعروفة باسم “البهلولية “، نسبة إلى مكان ولادتها بقرية البهاليل ، التي تبعد عن مدينة فاس بحوالي 25 كلم وتسمى كذلك بقرية الكهوف ، حيث اتخذ ساكنتها من الكهوف مجالا للاحتماء ومقاومة العدو الخارجي . وغالبا ما كان منزلها مقرا تعقد فيه الاجتماعات السرية لمناضلي الحركة الوطنية
ثريا الشاوي: هي من مواليد مدينة فاس في 1936، وتعد أول وأصغر ربانة مغربية ، وقد قتلت في حادث تحطيم الطائرة سنة 1951 وهي في طريقها بين الرباط والدار البيضاء ، وذلك في ظروف غامضة
عائشة بنت أبي زيان: شاركت في المعركة الخالدة “أنوال” 1921 ، إلى جانب محمد بن عبد الكريم الخطابي
يطو ابنة موحا : أو حمو الزياني التي قاتلت إلى جانب والدها
خلال هذه التطريزات ، نحط الرحال لنتحدث عن السيدة “فاطمة عزاير” المولودة بمدينة ( الشاون ) بالشمال المغربي ، وهي المعروفة باسم “ أمي فامة ” وعن سبب اسم الشهرة هذا ، فإن الأمر يعود الى ان المستعمر الفرنسي قام بمحو (حرف الطاء ) من اسم فاطمة ، لتبقى فامة التي تحولت إلى أمي فامة
لقد قضت هذه المناضلة كل سنوات حياتها في النضال الوطني ومواجهة الاستعمار ، وهي بحق أيقونة النضال وأم كل المناضلين المغاربة ، لم تمسك القلم يوما ، غير أنها كانت مشبعة بالمبادئ ومتشبثة بقيم النضال والتحرر، وقد عاشت أحداث مجزرة رهيبة ذهب ضحيتها ستة من أفراد عائلتها ، سقطوا تباعا برصاص غادر على يد عملاء الاستعمار ، وقد كان لهذا المشهد تأثير خاص على نفسيتها ، الأمر الذي جعلها تلجأ إلى ضرب مستعمر اسباني كانت تشتغل عنده كمربية لأبنائه ، وتستولي على سلاحه ، ثم تهرب إلى مخبأ للمقاومين ، وهكذا كانت بداية مشوارها النضالي والعمل التطوعي ضمن الخلايا السرية بشمال المغرب ، وقد هربت من مدينتها ، حتى لا تكون حطبا في موقد بيت الزوجية المفروض عليها من طرف أسرتها ، وبالتالي لم يكن أمامها من مسلك أو خيار غير المغادرة والرحيل بعيدا في اتجاه الدار البيضاء ، للالتحاق بالخلايا السرية للحركة الوطنية ، وذاقت كل أصناف التعذيب الذي مارسه المستعمر على مختلف الوطنيين . وتعد هذه المناضلة من بين اعضاء جيش التحرير: مجموعة عسكرية أنشأت للإسهام في تحرير المغرب من الاحتلال – الى جانب كل من :【عباس المسعودي وعبد الكريم الخطيب وعبد الله الصنهاجي ومحمد البصري ومحمد بوكرين ومحمد بن سعيد ايت ايدر 】كما تعد من بين مؤسسي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في1959 رفقة المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد البصري وغيرهم .كما شاركت في المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي، وساهمت في تأسيس القطاع النسائي به . وفي 16 يوليوز 1963 وعند اجتماع اللجنة الإدارية في الكتابة الإقليمية بالدار البيضاء تم اعتقالها ، وبعد أن اطلق سراحها كانت تجمع التبرعات المالية وتوزعها على أبناء المعتقلين ، وبما أنها كانت متعددة الاهتمامات النضالية، فقد كانت تحضر اجتماعات مناضلات ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، سنوات 70/ 1971، وتعمد إلى توزيع المناشير مع الطلبة ، وبعد ذلك التحقت بالعمل الجمعوي النسائي في بداياته الأولية بدور الشباب المتواجدة بالدار البيضاء للدفاع باستماتة عن قضايا المرأة وهمومها ، وهو ما أكده لي بعض مناضلي ومؤسسي جمعية (الأمل ) الثقافية التي كانت تشتغل بدار الشباب بوشنتوف
ونخلص في هذا الاستحضار السريع لتحركات ونضالات أمي فامة إلى أنها كانت بمثابة ام كل الأسرى والمعتقلين السياسيين ، الذين حرصت على زيارتهم حتى خانها المرض والتحقت بركب الشهداء يوم الجمعة 19مارس 2004