الأديب المغربي الفرانكفوني محمد الواكيرة يرحل في صمت
الكتابة عند الواكيرة متعة
وتأبى هذه السنة المثقلة بالفواجع ، قبل أن تودعنا إلا أن تضيف إلى مآسينا نبأ انتقال الأديب المراكشي إلى العلياء ، مغادرا مسرح الحياة في الثالث عشر من ديسمبر ، تاركا وراءه كثيرا من الإبداعات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر “الأفق من طين ” و” قصيدة مراكش ” و” لحظات” و ” ضوء معاكس“، و”حبة من لا صحراء” وهي مؤلف شعري نال به جائزة الأطلس الكبير سنة 1995. وفي سنة 2010حصل للمرة الثانية على نفس الجائزة بروايته في صنف الأدب الفرانكفوني “المسكوت عنه” وهي تمثل – كما يقول عبد الفتاح الصادقي في جريدة العلم ليوم 28 يونيو -” سردا شعريا لواقع اجتماعي يمتزج فيه الألم والوحدة والاقصاء حيث يكافح المرء من أجل الفرار والنجاة من الانهيار ” . كما كتب قبل ذلك في 2003 قصيدته الطويلة (أن لا أكون – N ‘ ETRE ) حول المفارقة المؤسسة للثنائية المتراوحة بين العدم والانبعاث . وعنها يقول : ” لم يكن من الوارد أن يكون هناك انبعاث في حالة عدم وجود عدم ، وبذلك فالكتابة تقوم على اكتشاف ماظل إلى حد الآن مختبئا في دواخلنا . وأيضا على الذهاب بالموت إلى حدود نظن أنها تستطيع مجابهة المحو والنسيان من جهة أخرى . ولا يجب أن ننسى أن شعلة الكتابة يَحُدُّ من قوتها بياض الصفحة الذي نحاول دائما أن نُسَوِّده بشكل متواصل لكي نبلغ أخيرا نقطة الحسم (…) أنا داخلي يراوح الموت ، ويسعى جاهدا إلى خلق عالم خاص ، وذلك هو البدء “
وكيف لا يكون الأمر – عنده – كذلك وهو الذي تعلم منذ البدء كيف يشتغل على اللغة ويجعلها مُمَيزة ومنبثقة من احتراقاته الجسدية ، وتعدديته اللغوية ، التي يتشبت بها منذ طفولته ، وقد عاش في وسط حافل بالشعر والأغاني والموسيقى ، وتعلم كيف يميز بين ما تقوله مختلف الأصوات والإيقاعات والألوان في توحد بين تفاصيلها ، ناسجة كلاما يؤثته ، فغدت عنده كتابة كل نص شعري أشبه ما يكون بحكاية متجددة على الدوام
وعن الحق في الاختلاف يقول المرحوم الواكرة بأن رغبته الشديدة في الانفتاح على الآخر ، وتَعَرف طريقته في القول والتلقي، دفعته إلى ” تصور وخلق مونتاجات شعرية تجاوزت الحدود بين أشكال الكتابة المتعارف عليها” ويبقى تشبته الدائم بالحرية والحق في الاختلاف، مصدر قوة وتَفَرُدٍ يذهب به دوما إلى أقصى الحدود الممكنة في عملية الإبداع، تعززها الرغبة الممتنعة التي لا يمكن التحكم فيها أبدا ، لتجذرها في أصوله ورؤاه ، يُغْنِيها انفتاحه على الثقافة الشعبية وارتباطه التلقائي بالمسرح والموسيقى العالمية والفن التشكيلي وتصاميم الرقص ، فغدت بذلك الكتابة عنده متعة لا يمكن التحكم فيها أبدا ، الأمر الذي يجعله دائم الإنصات لما يجري حوله هنا ، أو في أي مكان من العالم
لقد ترجل الفارس عن صهوة الإبداع الفرنكفوني المتميز والمتفرد ، بعدما عاش هائما – كما كان يقول – ” بين حلقات ساحة (جامع الفنا ) متنقلا بين الأجساد التي تغني أو تحكي أمام أخرى متخيلة ” وروحه في العلياء تنتظر الأمن والسلام والطمأنينة الدائمة
:شهادة كاتب مغربي بحق الراحل
:الأديب المغربي محمد صوف
سي محمد الواكيرة رحمه الله شاعر متميز، كاتب باللغة الفرنسية، من جيل عبد اللطيف اللعبي ومصطفى النيسابوري و من كتاب مجلة (أنفاس) الشهيرة
كنت دائما ولربما لا زلت أتهيب من اللقاء بهذه الفصيلة من المثقفين العضويين لسبب لا أعلمه ولربما أعلمه و أعيه حتى هو أني أقل شأنا منهم وأشعر بضآلتي تتضخم في وجودهم
غير أن محمد الواكيرة ويقال إن اسمه الحقيقي بالعربية هو لعقيرة جعلني أغير هذا المنظور . كنت أراه في مؤتمرات اتحاد كتاب المغرب و أقف على وداعته و تدخلاته الهادئة . أكثر من ذلك أني كلمنا صادفته كان هو البادئ بالتحية و كأنه يقول لي اخرج من خجلك فنحن سواء
قرأت بعض أشعاره و حلمت بنقلها إلى العربية لكني رأيت أنها تتجاوز قدراتي ولن أستطيع أن أجد مطابقات لمصطلحاتها و معانيها حتى فأخدت على عاتقي أن أتمتع بها كما هي وفي لغتها
ولا زلت أفعل
رحم الله السي محمد الواكيرة أو السي محمد لعقيرة