….أنا لغتي
اللغة العربية : سيدة اللغات
والعالم يحتفي باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف الثامن عشر ديسمبر من كل عام ، ارتأينا في جريدة ألوان أن نتوقف مليا عند هذه المناسبة ، معتبرين أن كل أيام السنة ينبغي أن تبقى أعيادا لها ، سيما وأنها كما يقول عالم اللسانيات ” البروفيسور رشيد بن عيسى ” أنها اللغة الوحيدة في العالم التي تنسج من 15 أو 16 حرفا ، فحرف “ب” يتغير بتغير موضع النقط ، وكذلك الأمر في العديد من أحرفها ، وهو ما لا وجود له في أي لغة أخرى. ناهيك على أن القرآن الكريم نزل بها يقول سبحانه وتعالى في سورة طه، الآية (113):”وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا وعليه فإننا في “ألوان” نجد أنفسنا ملزمين بأن نُهدي للغة العربية ترنيمة المحبة ، دون أن نحصرها في يوم ولا سنة ، لأنها ” سيدة اللغات ” على حد تعبير ابن الاثير
“وسنأخد في نشر بعض مما وصلنا بمناسبة يوم 18 ديسمبر في موضوع اللغة العربية ، واخترنا أن تكون البداية مع قصيدة الشاعر “ محمود درويش ” والمعنونة ب” قافية من أجل المعلقات
********************
مادلني أحد علي
أنا الدليل
أنا الدليل إلى بين البحر والصحراء … من لغتي ولدت على طريق الهند بين قبيلتين صغيرتين عليهما قمر الديانات القديمة ، والسلام المستحيل
من أنا ؟
هذا سؤال الأخرين
ولا جواب له
أنا لغتي
وأنا معلقة….معلقتان….عَشْرٌُ
هذه لغتي
أنا لغتي
:أنا ماقالت الكلمات
:كن جسدي فكنت لنبرها جسدا أنا ماقلت للكلمات
كوني ملتقى جسدي مع الأبدية البيضاء
!كوني كي أكون كما أقول
هذه لغتي
قلائد من نجوم حول أعناق الأحبة
الأحبة هاجروا
أخذوا المكان وهاجروا
أخذوا الزمان وهاجروا
أيتسع الصدى
،هذا الصدى
هذا السراب الأبيض الصوتي
لاسم تملأ المجهول بحته
ويملأه الرحيل ألوهة؟
فلتنتصرلغتي على الدهر العدو
على سلالاتي …علي …وعلى أبي …وعلى زوال لايزول
هذه لغتي ومعجزتي
عصا سحري
حدائق بابلي ومِسَلًَتي
وهويتي الأولى
ومعدني الصقيل
:هامش للبدء
إن الماضي عند محمود درويش، ليس ذاك الزمان المحدد فلكا ولا كتابة للتواريخ والأحداث ولكنه تبعا ل” توفيق أبو شومر ” هو شهقات لغوية للمباني، وزفير للأوزان ، والماضي عنده ليس موسما مطبوعا بالكلمات والقوافي، أو محددا بالأحداث والذكريات، بل هو تلك العصا السحرية التي تحوله إلى البحث الدؤوب عن الذات، عندما يقول( مادلني أحد علي ، أنا الدليل الي بين البحر والصحراء ) فمن لغته ولد قائلا ( من لغتي ولدت ، على طريق الهند بين قبيلتين صغيرتين…) وأخيرا ، فالماضي عند درويش هو ذاك الاحتفال التسجيلي الدقيق بلحظة الخلق الأولى في ضوء قمر الديانات القديمة ، وهو ولادة الحروف التي شكلت لغته العربية وكينونته وأناه الحاضر