فاطمة المرنيسي أو شهرزاد المغربية

فاطمة المرنيسي أو شهرزاد المغربية
             ذ. ناصر السوسي

“شهرزاد المغربية”  مثال حي للمرأة العربية المتحررة”                                            

بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيل الكاتبة  فاطمة المرنيسي التي غادرتنا إلى دار البقاء يوم: 30 نونبر 2015، هي كاتبة وباحثة وعالمة اجتماع متخصصة في الشأن النسائي، توجت مسارهاالأكاديمي بالحصول على الدكتوراه من جامعة ” برانديس ” بالولايات المتحدة الأمريكية، في منتصف سبعينيات القرن الماضي ، واشتغلت أستاذة في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط في بداية الثمانينيات . وقد وظفت انشغالاتها وأبحاثها الفكرية والاجتماعية والميدانية خدمة لقضية المرأة، ويرجع لها الفضل في تأسيس العديد من المبادرات الجمعوية والقوافل المدنية من أجل حقوق المرأة مركزة في معظم اسهاماتها على مقاربة التأطير الديني لمكانة المرأة ووظيفتها من خلال التعرض والتناول المباشر للنصوص الإسلامية، ومن خلال نقذ الادبيات الفقهية ذات الأدوار الحاسمة في سن القوانين الوضعية ، وتكريس الاطر الاجتماعية المحددة لوضعية المرأة المغربية ، وكانت – كما يقول ” احمد توفيق الزينبي” في شهادته المعنونة ب: فاطمة المرنيسي كما عرفتها –  تعتمد في بناء حجيتها على مرجعيات تراثية ، وكثيرا ما تستشهد بابن عربي وابن سينا وابن رشد وابن خلدون وآخرين، كما تغرف من التراث الشعبي العربي والواقع. ونادرا ما كانت تلجأ لأمثلة واستشهادات من خارج نسقها الاجتماعي والسياسي، وحتى حينما كانت تلجأ إلى ذلك وتقدم أمثلة من العالم الغربي، فمن أجل تكسير نمطية تصورات الغرب للشرق فقط . وتكريما للفقيدة ارتأينا في ” ألوان” أن ننشر مقالات تشهد لها وتعترف بقيمتها الأدبية والعلمية ، وتتوالى قراءات لاحقة – وعدتنا بها مشكورة – الكاتبة سعيدة أملاح ستنصب على تراث الدكتورة المرنيسي في حلقات

جريدة “الوان” ترحب بكل الكتابات التي ستصلها من المتتبعين والقراء في ملف الاحتفاء بالمرحومة المرنيسي، وستنشر تبعا لجودتها وقيمتها الإبداعية (ألــــــــــوان) ــ

                                                                            :نبدأ بمقال للأستاذ “ناصر السويسي” باعتباره أحد طلاب فاطمة المرنيسي الأكفاء، يكتب عنها هذه الورقة القيمة 
فاطمة المرنيسي، العالمة الاجتماعية العالمية…الأستاذة التي فتحت الدراسات السوسيولوجية بجرأة علمية على موضوعة المرأة و النسائية ثم على إرهاصات الجندرية  مجتمعنا من خلال تأطير “الجندر” وتوجيه طلبتها الباحثين في السوسيولوجيا و السيكولوجيا الاجتماعية بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط في منتصف سبعينيات القرن العشرين نحو التناول العلمي المنهجي لإحدى معضلات تخلفنا و مآسينا التراثية -التاريخية و بؤس معمارنا الاجتماعي و الذهني: تحجر تصوراتنا حول المرأة و الجنس و تخثر نظرتنا الذكورية – القضيبية التبخيسية – المكرسة لدونية الفتاة …لم تكن التساؤلات الكبرى التي فكرت فيها ثم بنتها و صاغتها العالمة الاجتماعية الأستاذة فاطمة المرنيسي منطلقة من العمل الاختباري -الميداني لوحده أو من الإنشائيات النظرية المكتبية بقدر ما كانت مرتكزة على وعي حاد بذلك الحوار القوي و المسؤول بين النظر العقلي و معطيات التجريب والواقع الامبريقي الاختباري . اتجهت الدكتورة فاطمة المرنيسي خريجة جامعة ماساسوتشيتس بالولايات المتحدة الأميركية سنة 1973 نحو إعادة قراءة التراث العربي ، الفقهي تحديدا ، بتقليبه من كل أوجهه من خلال السؤال السوسيو- تاريخي غاية في الإنصات لأدق تفاصيله و تضاريسه شعرا و فلسفة و تصوفا و سردا للوقوف على جوانب مهمة من  المخيال العربي الإسلامي IMAGINAIRE او مقابلة ذلك كله مع التطورات الراهنة و إعادة بناء واقعنا عبر تساؤلات استفهامية حيوية و جذرية و انشغال ميداني يوظف مستجدات مناهج العلوم الحقة و الإنسانية على السواء …. وبهذا المنهج استطاعت فاطمة المرنيسي إنتاج أعمالها الكبرى التي نذكر منها قصرا لا حصرا ” “ SEXE IDÉOLOGIE ISLAM ” و ” الجنس كهندسة اجتماعية ” و LE HAREM POLITIQUE ”و السلطانات المنسيات ” و LES AÏT DÉBROUILLES DU HAUT ATLAS ”
كطالب درس على يدي هاته السيدة الرائعة و تتلمذ لها عن قرب و تعلم منها أحتفظ – كما غيري بكل تأكيد – بصورة بهية و ذكرى مشرقة عن الدكتورة فاطمة
كانت فاطمة المرنيسي مثالا للأستاذة الشغوفة بعملها و الباحثة العقلانية – الحداثية بانفتاحها اللامحدود على مقتضيات العصر و المقبلة بانتظام على اقتحام القارات الملعونة في لا شعورنا- الفردي و الجماعي – المبعثر و المفكك و ثقافة التواتر و العزو imputation و تنشئتنا المثقلة بالتقليد واللاهوت والاستبداد السياسي . كانت فاطمة مثالا حيا للمرأة العربية المتحررة إلى أبعد الحدود من أغلال اللاعقل و البطريركية و لربما هذا ما حدا بها لأن تكون على مسافة قريبة جدا من شهرزاد و هي تواجه جبروت شهريار و قريبة أيضا من فاتنتها الساحرة “اسمهان ” اقرأوا ” نساء على أجنحة الحلم”  ففي هاته السيرة العميقة جوانب مهمة من نمط تفكير أستاذتنا فاطمة المرنيسي ومن كيفيات تشكل وجدانها
!أكرم الله مثواها و أسكنها جنات النعيم

ناصر السوسي

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com