محترف شمس للمسرح

أعواد ثقاب : استحضار الذاكرة والتراث الشعبي

“بدعوة كريمة من محترف شمس للمسرح استمتعت بمشاهدة عرض مسرحية ٌ أعواد ثقاب
والفرقة التي أبدعت العرض تاسست سنة2009 . ورغم حداثة التأسيس فقد راكمت تجارب هامة في مجال الاشتغال الركحي وتعميق التجربة الإبداعية عبر توظيف النص الدرامي وجعله خلفية معرفية وابداعية أساسية لإثراء العرض ومنحه أبعادا فلسفية وجمالية وثقافية عبر استحضار الذاكرة والتراث الشعبي ، والانفتاح على الأسطورة بمفهومها المحلي والكوني.وعلى المستوى الركحي اجتهدت الفرقة من خلال نبذ أحادية النسق اللغوي واستبداله بتعدد الانساق الركحية والفرجوية من حركة وإيماءة وميمياء. ولا شك أن الاهتمام بأنساق العلامية للفرجة أدى إلى تخصيب العرض في ابعاده المتعددة من حركة وجسد وفضاء وغيرها من مكونات الركح.هذا  فضلا عن الاجتهاد في تثوير الدلالات السينوغرافية باعتماد منهجية قائمة على التجريب ، وذلك سعيا إلى تجاوز الممارسة الركحية في بعدها التقليدي للانفتاح على العرض بالصيغة الحداثية القائم على شمولية الانساق التعبيرية وهي صيغة تركيبية تجعل الركح يرشح بالمكونات التي تصنع ديناميته وحيويته
ويفصح ريبرتوار الفرقةعن الثراء الإبداعي المسرحي لهذه الفرقة الذي ينفتح على اتجاهات ومدارس إخراجية عربية وعالمية على مستوى الإنجاز الركحي وعلى مستوى الكتابة الدرامية. وهكذا أبدعت الفرقة أعمالا مسرحية مميزة أهمها
مسرحية الطربوش والبراميل
مسرحية الريق الناشف
مسرحية سيدة الكريسطال
مسرحية حبال المنجج
مسرحية كومبارس
مسرحية ألف هاينة وهاينة
مسرحية أعواد ثقاب
وتقوم المسرحية الأخيرة ، التي عرضت بالمركز الثقافي بالقنيطرة، على تيمة الخوف ،وتتسم المعالجة الفنية بطابع التشظي، إذ يغيب التماسك على مستوى السيرورة الحدثية وتستعيض المسرحية عن ذلك بمشاهد متعددة باعتماد تقنية التمثيل داخل التمثيل. ولعل هذا التشظي على مستوى الحكاية يعكس وضعا نفسيا للمرأة موضوع المسرحية التي تعاني من رهاب الخوف الذي يتسلل إلى حياتها وبيتها وعلاقتها بزوجها. ويتخذ هذا الخوف مظاهر مختلفة تجسدها مشاهد المسرحية عبر تقنية التمثيل داخل التمثيل
ولاشك أن التركيز على تيمة الخوف وتجذره في وعي ولاوعي المرأة تجسيد لمنطق العنف المادي والرمزي الذي تتعرض فيه المرأة لأبشع تسلط ذكوري في مجتمع تقليدي / أبيسي محكوم بنظرة دونية للمرأة تترسخ بفعل التربية، وبمنطق التعامل مع المرأة بالشارع العام. الذي يمثل فضاء فضاء لاستعراض فحولة جامحة وذكورة نرجسية لا تجد حرجا في التضييق على المرأة وممارسة غواية العنف اللغوي وأحيانا المادي على أنوثة تعيش تحت طائلة التضييق والعنف وكل أشكال الإهانة والهدر للكرامة.واذا كانت هذه السلوكات مصدر تجذر رهاب الخوف لدى المرأة، فإن المسرحية تبشر بواقع جديد تثور فيه المرأة على وضعية الاستكانة والخنوع والخوف رافضة كل أشكال الترهيب والتعذيب والإذلال مصرة على إعادة ٠ لكينونة انثوية مهدورة ومغبونة. لذلك تصرخ في وجه الرجل الغريب الذي يجسد الخوف وتطرده من الركح
ولا شك أن الصرخة المعبر عنها في المسرحية تتجاوز واقع المرأة للدعوة إلى ثورة على واقع اجتماعي قائم على الظلم والخوف والتهميش .ومن تم، فإن المسرحية تسائل واقعا اجتماعيا مأزوما ساعية الى انتشاله من كل مظاهر التخلف والتراجع والارتداد
محمد محبوب