التشكيلية نعيمة الملكاوي: الغربة قد تصبح وطنا للإبداع
الرسم، الإبداع المكتوب، والغناء تأتيني جميعها بانسيابية
الفنانة التشكيلية نعيمة الملكاوي امرأة من معدن أصيل، هادئة بشخصيتها القوية، ومشرقة المحيا بابتسامتها العريضة ، حديثها يشدك للاستماع إلى نبرات صوتها الدافئ وهي تتحدث إليك، ويشدك أكثر حينما تسمعها تلقي قصائدها الزجلية المنتقاة من بستان الزجل الذي تكتبه بعمق رؤى فيها شيء من الحكمة والبيان، وتجعلك تمعن فيما تحمله كلماتها من معنى، عيناها تلمعان ببريق يتلألأ فيه الإحساس الصادق برغبة في عناق العالم من خلال حبها للكتابة والرسم والغناء، ثلاثية عشق جعلت من السيدة الملكاوي سيدة اللون، والكلمة، واللحن بكل تناغم مع اللحظات التي تركب لتخرج الينا من دوائرها لتبهر المتلقي في كل مرور “شملت أحلاما، انتكاسات، تأملات ، وأشياء عديدة تخامرني ولا حد إلا اللون الذي يسكنني خلاصا” كما قالت في الحوار التالي
كونك فنانة تشكيلية، درست هذا الفن ولك محترف في فرنسا وقدمت خيرة اعمالك في معارض عديدة في المغرب وفي اوروبا. ثم انتقلت الى عالم الزجل، ولك ديوان في هذا الفن الابداعي، ومن ثم الى الآن احترفت الغناء، كيف توفقين بين هذه الفنون ؟
في الوجود الإبداعي اذا صح القياس، اعتبر التشكيل لغتي الأم فيما المفردة كانت مزجولة او فصحى او مغناة فهي لغات تقفز من لا وعي الألوان لتنثر إيقاعاتها عرضيا، لذا هاجس التوفيق بين المجالات الثلاث غير وارد، لأنها تحدث بانسيابية تامة
اكثر الرسومات لديك تميل إلى ظاهرة الرسم البوهيمي ، هل بالإمكان الحديث عن هذا الرسم ؟ اين موقعه في عالم الرسم التشكيلي المعاصر؟
البوهيمية وجهة نظر سلوكية، والسوريالية اتجاهي الفني
أعتقد ان البوهيمية وجهة نظر سلوكية واجد نفسي بعيدة تماما عن هذا المسلك، والبوهيمية في الفن التشكيلي لم ترد كمدرسة، وان كان دائما ينعت المبدع عموما بالبوهيمي لأن فلسفته في الحياة تكون مختلفة عن السائد وتتسم بالتمرد والانتفاض، فيما يخص اتجاهي الفني الحالي هو السوريالية وان كنت تدرجت بداية عبر المدارس المختلفة من واقعية طبيعة ميتة وتجريدية
فيما يخص الشق الثاني من سؤالك، فان الفن الحديث له رسالة أخرى للتعبير عن ذاته، فما نراه من تجارب حداثية هي من صميم التجريبية للخروج برؤية تحديثية للفن، واجد الامر صحي للغاية للساحة الفنية
منذ فترة قصيرة صدر لك ديوان “زجل” بعنوان ” لون الظلام” و انت من صمم الغلاف ، وجعلت من الشجرة اشباه الرجال و اجساد رجال تستجيب رقصا يتردد صداه حنينا الى الان! هل يمكنك تحدثينا ما المقصود من التلاقي؟
لوحة غلاف الأضمومة الزجلية لون الظلام تتناغم مع ما انشده من الفن تجاه الحياة، فانا أحاول قدر حساسيتي ان اخفف من ثقل ما يرزأ تحته هذا الوجود الذي وجدت نفسي اسبح في مقاماته سواء الدنيا او العليا، فالشذرات شملت احلاما انتكاسات تأملات وأشياء عديدة تخامرني ولا حد الا اللون الذي يسكنني خلاصا
اما الشجرة التي تتجسد في اعمالي كأجساد انثوية غالبا، فاعني بها الروح الطبيعة التي نحن امتداد لها، بغض النظر عن الجنس او العرق، وهي في حالة حركة دائمة سواء فرحة او قلقة ، لذا يتراءى للمتلقي انها راقصة، فكلنا نرقص مع ايقاعات الوجود ولا نتوقف الا بأجل
ما لذي يمكنك قوله عن المرأة والإبداع في بلد الغربة: الواقع والأمل المنشود للمغترب في هذا المجال؟
الغربة قد تصبح وطنا للإبداع أحيانا والمبدع مغترب بفطرته الفنية حتى وان كان بين ذويه، وفي نفس الوقت قد يكون سيد بيئته التي يكيفها حسب وجدانه، والامل المنشود القريب المدى هو ان يترفع عن الواقع والواقع المرتقب
:قصيدة زجلية للكاتبة الفنانة نعيمة الملكاوي
اللون
لبسني اللون من الصغر
فْحْضانو تعلمت الصبر
ديما فجنبي وْ ْحدايا
اللون كبر معايا
بيه نتجدد كل يوم
نحيي الفرحة أو ندفن لهموم
هو الصاحب هو الصديق
يفرج عليا وقت الضيق
كان أو مزال طرف مني
أنا همو أو هو همي
نرسم الخطوات يبصم العفطات
نلونو بجوج هاذ الحياة
نحاولو نطفيوا جميع الآهات
اللون هو عشقي الأول
كنت أو مزال عليه نعول
اللون ما يعرف يخون
يمكن يخذلني شي مرات
لكن معايا ديمن يبات
نڭلس
معاه بين الشجرات
يدورو بينا ڭاع لبنات
انغرسو لمحبة أو تطلع نبات
نطفيوْ الصرخات
ندفنو الآهات
نغنيوا فكل ليوم
لحن الحياة