حين تصرف الدبلوماسية النظر عن الحقائق الجيوستراتيجية
المغرب وجواره الأقرب والأبعد
الآن فقط بدأنا نفهم “في المغرب” لماذا صار بعض حلفاء الولايات المتحدة يديرون ظهورهم لها، ونعرف ما قامت به العراق، وما امتنعت عن القيام به في سوريا ، وكيف انسحبت من افغانستان تجر أذيال الهزيمة…يبدو ان الولايات المتحدة تنوي خذلان حليف تقليدي مخلص. فهل تدفع بذلك المغرب أن يدير ظهره بدوره لها؟
..اكتشاف متأخر
بهذه الفقرة المشبعة بالخيبة اختتم ” المواطن المغربي” السيد محمد صالح التامك مقالا خصصه للتعليق على التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية ، حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب…تنحى فيه باللائمة على الإدارة الأمريكية التي خيبت آمال القائلين بأن واشنطن تقف الى جانب المغرب ، وتعزز موافقه حيال ملف الصحراء الغربية الشائك ، وقلبت ظهر المجن حين اعتبرت” جبهة البوليساريو حركة تحرير وطني” وأن مواقفها المتسمة بالنفاق باتت اليوم أكثر انكشافا. وأن الرئيس الامريكي السابق “واللاحق ربما” لم يحسم أمره خلال الثواني الأخيرة من ولايته الأولى، بصورة يمكن الاعتماد عليها لتأكيد موقف واشنطن الواضح من “ مغربية الصحراء” التي باتت لازمة في تصريحات وخطب الساسة والمسؤولين
:الامبراطوريات لا تلام
بعد أن استبعد الرجل البيض الهندي الأحمر ورسخ الاقدام في الأرض الموعودة.. فتحت الأمة الأمريكية دفترا جديدا للاستحواذ على الامم، كل الأمم، عسكريا بالقواعد واقتصاديا بالدولار. متسترا بغلاف شفاف عنوانه، تحرير الشعوب من حكامها ، وبناء مجتمعات ديمقراطية تنعم بالرخاء! بدأت أولا ب “دمقرطة “ جيرانها، فأزاحت حكاما منتخبين، وسيدت عليهم طغاة انقلابيين. ثم كرت السبحة ، واتسع النطاق ليشمل مشارق الأرض ومغاربها ، حتى أسلست القياد للبيت الأبيض.!! ما يفهمه الكثيرون.. أن الولايات المتحدة لا تبحث عن حليف _ ولن تفعل _ بقدر ما تنشد تابعا يدور في فلكها ، بدون إرادة أو وعي، حال الرجل البيض الذي دشن العصر الامبريالي قبل القرن الذي ودعناه، وجدد جلده وأدواته بعد الحرب العالمية الثانية …وإلى اليوم. مختزلا مجمل التاريخ الحديث تحت عنوان واحد: غطرسة القوة… لذا ، فإن أي توصيف آخر لا يعدو تجاهلا للحقائق الجيوستراتيجية والتاريخ ، وسقوطا في شراك الاعلام الماكر وغسل الدماغ أو الانسحاق تحت سطوة التضليل ” العلمي” الكاسح
:فيما يخصنا
يعتبر ملف الصحراء نموذجا للعقد المحنطة على معالم الحدود بين المستعمرات الغربية إلى حدود منتصف القرن العشرين وما بعده بقليل. ويصر الغرب الاستعماري على عدم المس بها كما هي. على أمل أن يحركها ويناور بها كلما بدأت ارهاصات تململ وشيك لتغيير “الأوضاع القائمة” أو المساس بها. ورغم أن واشنطن لا تمسك بكل خيوط اللعب في شمال غرب افريقيا، فان اسبانيا وفرنسا لعبتا دور الوكيل الامبريالي كما هو الشأن في باقي المستعمرات التي تعتبر حتى الآن مناطق نفوذ. ويستحسن أن تطول أعمار النزاع فيها.. بالتأكيد، يفترض أن لا يجد هذا النزاع المعمر نهاية سعيدة أمام الإصرار على أن لا يكون الحل حكرا على الأطراف المعنية مباشرة، المغرب والجبهة والجوار القريب المتضرر بنفس القدر من احتدام الوضع. والحال أن القرارات الاممية ذات الصلة توصي سنويا بالعودة إلى المفاوضات المباشرة وصولا إلى التسوية المطلوبة المتفق عليها — ولم لا –على أرضية الحكم الذاتي الموسع في الأقاليم الجنوبية، حل سياسي نهائي ينتشل المنطقة برمتها من الارتهان لمستعمرالأمس وبالالتفات للمستقبل الذي لا يبدو ورديا في خضم التحولات الراهنة المتسمة بسوء الظن وعدم اليقين
….إن غدا
بقدر ما ينتف الريش الامبراطوري الزاهي عن بلاد العم سام وتخسر مواقعها الراسخة لهيمنة الورقة الخضراء وانحسار القوة العسكرية الاولى وتفتت الكثير من ادوات النظام المبني على القواعد…الخ. تتحول مصادر القوة والنجوع مبحرة نحو الشرق الحكيم خزان الحضارة واصلها حيث بدأت البراعم المفعمة بالحياة تزهر وتزهر. فيما تتفاقم ازمات الغرب الذي انكشفت سياساته المفتقرة للأخلاق والإنسانية والروحانية. والبقية آتية لا ريب فيها