ماجدة عبد الوهاب

ماجدة عبد الوهاب

رحيل قبل الأوان

بقلم ذ: عبد المجيد شكير
أحيانا يتوقف عطاء الفنان بقرار إرادي منه ، فينسحب واضعا حدا لطموحاته وأحلامه، أو يعتزل بعد طول مشوار مخططا لحياة جديدة يرى فيها راحته وسعادته، وأحيانا أخرى يتوقف هذا العطاء بيد القضاء والقدر راسمة له نهاية مأساوية كما حدت للمطربة اسمهان في سنة 1944، أو للفنان عبد الوهاب أكومي سنة 1989 وهو عائد من مدينة بني ملال بعد أن أعطى فيها إشارة تدشين معهدها الموسيقي، وكا حدت للمطربة ماجدة عبد الوهاب في بداية التسعينات.
يتذكر المهتمون الحفل الفني المتميز الذي نظم بالمسرح البلدي بمدينة البيضاء سنة 1979 وذلك بمناسبة مرور عشرين سنة على بداية المشوار الفني للموسيقار عبد الوهاب الدكالي، وقد غنى فيه بعضا من روائعه مثل (مشى غزالي ـ لهلا يزيد أكثر) علاوة على قطعة (الله غالب) وكانت جديدة آنذاك، شهد هذا الحفل مفاجأة من النوع الثقيل: شابة لم تبلغ بعد العشرين من عمرها تشدو برائعة أم كلثوم (حلم) إذ انبهر الحاضرون بأدائها المتقن، كانت مستمتعة بالغناء، تتفاعل مع المعاني، كانت تغني وتعيد بتلوينات جديدة فتأسر السامعين، كانت تنثر بصوتها المفعم بإحساس عال زخارف على الكلمات والعبارات فتهتز القاعة بالتصفيقات، كانت سهرة طربية بكل المقاييس أعادت للأذهان حفلات وسهرات الزمن الجميل، كان اسم الشابة هو ماجدة البليدي والذي سيتحول فيما بعد إلى ماجدة عبد الوهاب.
كانت باكورة أغاني ماجدة عبد الوهاب هي قطعة (علاش تتسنى) والتي كتبها الزجال المقتدر عمر التلباني في بداياته، ولحنها محمد بلبشير، وكان برنامج (مواهب) للأستاذ عبد النبي الجراري القاعدة التي انطلقت منها هذه الأغنية: (علاش تتسنى / وتشتاق حتى نكبر / نبدا نفهم في الحب أكثر / خدني لبيتك وأنا صغيرة / خوفي ننساك في يوم ما نكبر / ) وفيها أطل صوتها خجولا ولكنه يشي بموهبة راقدة، ويعد بالتألق، وهذا ما حدث فعلا عندما اتجهت إلى الشعر حيث انكشفت معالم صوتها الجميل وهي تغني من شعر جمال الدين بنشقرون وألحان عبد الحق الليلاني قصيدة (غن يا طير) :(غن يا طير / مع نسيم الصباح / العطر فواح / رفرف بجناحك / وبصوت صداح / غن للصغير وداعب مهدو / غن للكبير سليه وسعدو / ومع الزهرة ارقص وتمايل / ارشف قطرة من خدها الهايل / ( كما غنت من كلمات الأمير بندر الفيصل وألحان سيد العود سعيد الشرايبي قطعة جميلة تحت عنوان (مشاعر حنين) وقد ظلت هذه الأغنية حبيسة لدى صديق الملحن الفنان والموثق عبد اللطيف سلينة لسنوات طويلة حتى أفرج عنها فيما بعد، حتى إذا غنت تحفتها (فات الفوت) وهي من كلمات علي الحداني وألحان عبد القادر وهبي حلق صوتها عاليا لاسيما عندما كانت تتساءل:(وفين هاد القلب اللي عاش / دون ما يغلط نويبة / كان شامت ولا مشموت / كل شيء كيرحل ويفوت / يا اللي حتى فات الفوت / عاد سولني كيف بقيت /.)
ثملت ماجدة عبد الوهاب وهي تغني (فات الفوت) وعاشتها بجوارحها ساكبة فيها دفقات غزيرة من أحاسيسها، فكان أن اصطفت الأغنية جنبا إلى جنب مع قطعة (ياك اجرحي) لنعيمة سميح في النجاح الجماهيري، بل وهناك من اعتبرها جزءا ثانيا لها، خصوصا وأن الأغنية كانت معدة في الأصل لنعيمة فانضمت ماجدة بفضلها إلى نادي المطربات ذات الصوت الساحر.
ما كان أعذب صوتها وهي تغني واحدة من أجمل الأغاني الوطنية (العز والنصر يا بلادي) كتبها فتح الله المغاري ولحنها عبد العاطي آمنا :(سعدك ربي يابلادي /وعطاك العز وعطاك النصر يابلادي / أرضك للخير كتنادي يابلادي / وزهورها فايحة عطور يابلادي /)
لم تغن ماجدة عبد الوهاب تقريبا من المغربيات إلا هذه القطع الخمسة علاوة على أغنية (على غفلة) والتي أعادتها بمنتهى البراعة كما أعادت الأغنية الشهيرة للمطرب التونسي أحمد حمزة (جاري يا حمودة) ، ثم دخلت تجربة الغناء الخليجي حيت تنبه لها الملحن الكبير سامي إحسان فلحن لها مجموعة من القطع (قلت نعم ـ الوعد الحايرـ ـليل المحبين ـ ألو ألو) فلمعت كما لمعت جل المطربات المغربيات وهن يغنين باللهجة الخليجية.
رحلت عنا المطربة ماجدة عبد الوهاب سنة 1992 إثر حادثة سير عن عمر لا يتجاوز الثلاثين، رحلت ولكن صوتها يأبى أن يرحل لأنه محفور في ذاكرتنا، وأما أغنيتها الذائعة الصيت (فات الفوت) فأعلنت العصيان وترفض أن تفوت، لقد وضعت أقدامها داخل أرشيف الخالدات للأغنية المغربية:كلمات أغنية (فات الفوت)
وايلي حتى فات الفوت
عاد سولني كيف بقيت
ليه الحمد نجيت من الموت
الصبر راه دواني وبريت
فين انت فيق من احلامك
طوي الصفحة قول نسيت
هانا واقفة قدامك
كاني عمري ماحبيت
او هد بكايا البيوت
كولشي كيرحل ويفوت
ياللي حتى فات الفوت
عاد سولني كيف بقيت
وايلي .. وايلي
كان يا سيدي حتى كان
سيدي ولغدر ماشي مزيان
اثنين تعاطاو العهد
عالوفا ماطال الزمان
يازمان يازمان يازمان
الاول اخلص فالعهد
الثاني خالف الميزان
الاول ثبت فلونه
الثاني بانت ليه الوان
وكان مقدر مكتوب
ندوق الشمتة كيسان
عيني قلبي كان غشيم
مسامحاك انت ونا خوت
كلشي كيرحل ويفوت
ياللي حنى فات الفوت
عاد سولني كيف بقيت
وايلي.. وايلي
ياللي جابك ماجابك
ظاهر لي غالط فحسابك
القلب تألم وتعلم
حاجات كثيرة فغيابك
وماشي ساهل ماقاسى
وكل ماقاسى بسبابك
ونقولو كانت تجربة
وليالي وايام غريبة
ودموع .. آه ودموع
من يقدر يحصيها
بكاتها عيني لحبيبة
وفين هاد القلب اللي عاش
دون ما يغلط نويبة
كان شامت ولى مشموت
كلشي كيرحل ويفوت
ياللي حتى فات الفوت
عاد سولني كيف بقيت

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية مديرة وإعلامية موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بمغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل و المراسلات:jaridatealwane@alwanne.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *