قهوة سخونة و الاستاذ مصطفى بدري
دردشة عن حال الرياضة المغربية
أفضل الإعلام المكتوب لأنه يؤرخ اللحظة والتاريخ
الاستاذ مصطفى بدري رجل اعلام من جيل الكبار وزنا وقيمة في الميدان الفوتوغرافي والرياضي. انه الانسان الصادق والصريح الذي لا يخشى في اللوم لومة لائم. كتب الكثير من المقالات الإعلامية وله ريبيرتوار كبير من الاعمال منها المرئية تجربة تزيد “الضيف الخامس” و” كرسي الرئيس” ندكر منها.. ومنها المكتوبة خارج وداخل المغرب طوال عن خمسة عقود في رحاب وعالم السلطة الرابعة.
تكريما له وتقديرا لمجهوداته استضافته جريدة ألوان في اول ظهور لها ليحدثنا عن أشياء كثيرة نترك للقارئ اكتشافها من خلال هذا الحوار
الإعلامي مصطفى بدري، باعتبارك رجل إعلام متمرس في المجال الرياضي بالإضافة إلى كونك مدير جريدة رياضية مغربية مقروءة بشكل كبير محليا ودوليا، كيف ترى واقع الرياضة اليوم بالمغرب؟ وأعني الرياضات بكل أشكالها مقارنة بين الأمس؟
أولا لابد من الإشارة الى أنني واحد من مؤسسي جريدة ” المنتخب”..
أعتقد أن واقع الرياضة الوطنية ظل دائما يعتمد على الفلتات.. بل العطاءات تكون موسمية وهي قليلة جدا.. التربة المغربية تجود بين الفينة والأخرى ببطل عصامي. وربما إتنان أو ثلاث.. نحن لا نعتمد على مراكز التكوين.. باستثناء ومنذ مدة قصيرة اصبحت لكرة القدم مراكز للتكوين بطريقة علمية ومدروسة. وهذا يعود إلى تواجد مراكز جهوية للتكوين وأكاديمية محمد السادس لكرة القدم التي أعطت عدة لاعبين تألقوا مع المنتخبات الوطنية ولى المستوى العالمي من خلال احترافهم بكبريات الأندية العالمية..
للأسف الأسماء التي تتخرج من المعهد الملكي لتكوين الأطر لا يتم استغلالها في المنظومة الرياضية.. فإذن ليس هناك فرق بين الأمس واليوم اللهم بعض من الفلتات التي تحدثت عنها في السابق مع نوال المتوكل، سعيد عويطة، هشام الكروج، نزهة بيدوان، العيناوي وكريم العلمي في التنس.. والأخوين عشيق في الملاكمة.. وعند اختفاء جيل الكرش والنجاري من سباق الدراجات.. ليس هناك من خلف.. الحل في مراكز التكوين لا غير.. المثل هو ما تسعى له جامعة الكرة اليوم التي مدت يدها لكل الأندية الوطنية.. وها هي تجني ثمار ذلك بالأطر التابعة لها من خلال التتويج بالألقاب وتلميع صورتها تسويقيا واقتصادية. لكون الرياضة أصبحت اليوم صناعة ثقيلة جيدة.. ربما في العشر سنوات القادمة قد يتغير الوضع.. اليوم تغيرت مجموعة من الأمور وأصبح التكوين علميا.. أكثر منه عصاميا..
برنامج (قهوة سخونة): كيف جاءت الفكرة؟
بالنسبة لفكرة ” قهوة سخونة” كنت دائما أعشق الحوارات التلفزيونية. وسمحت لي الفرصة عندما كان السيد يونس العلمي مدير عام لقناة الرياضية في بدايتها.. وكان معجبا بالأسلوب الذي كنت أكتب به عمودي ” زووم” في ” المنتخب” وهو كتابات كاريكاتورية وجدية في نفس الوقت..
وبالإضافة لفكرة “الضيف الخامس” كانت لدي فكرة أخرى وهي ” كرسي الرئيس”.. للأسف التلفزيون المغربي لا تهمه مثل هذه الأمور.. بعد مغادرة السيد العلمي القناة تركتها بدوري بعد 6 سنوات..
هناك برامج اقتصادية وسياسية. إنما رياضية فهي مغيبة تماما.. القناة الأولى بعد عمرها الطويل لا تتوفر على برنامج رياضي في المستوى.. وقناة “ميدي 1 تي في” مسحت برنامج ” الماتش” من خريطتها.. والقناة الثانية بدورها تغيب عنها البرامج الحوارية الرياضية.. باستثناء الرياضية التي كانت منفتحة على التجارب على عهد يونس العلمي واليوم تغيرت الأمور ومسؤولو الرياضية الحاليين ” بغاو التيقار.. وما باغيين مشاكل”، وتبقى اجتهادات الشباب لكنها تبقى غير كافية لغياب تجارب لديهم..
فكرة ” قهوة سخونة” جاءت من المقهى لكون الغالبية من المتتبعين الرياضيين يناقشون همومها في المقهى وأمامهم “قهوة سخونة”.. وأيضا برنامج ” الضيف الخامس” كانت فكرته من المقهى..
على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي ليست هناك جدية في مناقشة المواضيع.. هناك متابعة بالملايين لمحتويات فارغة.. شخصيا ما أكتبه وما أقدمه موجها لفئة معينة. لفئة مثقفة لا يعنيها الجانب المادي بقدر ما يعنيها الجانب الأخلاقي. وهذا لا يعني أن بعض المسؤولين لا يتابعون ذلك.. يكفيني فخرا أن يتابعني 100 شخص ويفهمون ماذا أقول بدل 1000 شخص لن تصلهم أفكاري.. لذلك أقول لكل زمان أفكاره..
لمن تتوجهون في هذا البرنامج؟ هل هنآك آذان صاغية؟
علميا يمكن. أما إذا ظل الوضع مرتبطا بمواقع التواصل الاجتماعي فلن يقدم شيئا، عمليا يمكن أن تكون النتيجة مع مسؤولين سياسيين من المستوى العالي لا يتأثرون ب ” الفاسق بوق “.. الفايس بوك وأخواته. ولو هناك الغث والسمين. والجيد والسيء.. والسيئ هو الطاغي.. إلا إذا كان لديك مسؤولين لهم وعي بالمسؤولية البناءة.. ولهم وطنية صادقة.. ربما الأمور ستسير نحو الأفضل.. ولا يمكن لنا أن نتقدم دون علم ولا تطبيق لكل ما يدرس بالجامعات والكليات.. فإذا كان العلم نور فلا يمكن له إلا أن ينور هذا المجال بالتكنولوجيا الحديثة.. والمغرب ولله الحمد سائر في طريق النمو لوجود أناس يخططون التخطيط السليم.. ولا يتأثرون بهذا ” البوز” أو الهاش طاق. فإذا لاحظنا الثورات العربية أو الربيع العربي أو الخريف الغاضب اليوم والتي جاءت ب “الفايسبوك” ما هو مصيرها ومن جاء من الدخان (الفيرتيال) سيذهب دخان. ونحمد الله أننا في المغرب نعيش الأمن والأمان ولا نتوفر على إمكانيات ولا ” بترول”.. هناك رجالات يعملون من أجل مصلحة الوطن. ونتمنى أن يسير المغرب في مجالات الثقافة والرياضة. مثل السياسة والاقتصاد..
هل أنت متفائل بمستقبل شبابنا في المجال الرياضي؟
بالنسبة لي…. الشباب اليوم إذا أراد أن يجد لنفسه المكانة التي يستحقها.. فلا يجب أن يرتبط بالتفاهات.. أقول بعض التفاهات على ” اليوتيوب” و ” الفايسبوك”.. يمكن أن نصل.. السماء لا تسقط الأموال. وفي اعتقادي هذه مرحلة ستزول. وكلامي موجه للشباب.. هل نسير بالسرعة التي يتغير بها العالم…؟ لا أعتقد. هناك مصيبة أخرى وتتمثل في الهواتف النقالة أو التخريبية بدل الذكية.. فكل من يسوق سيارته يحمل هاتفه، وكل من يسوق دراجته يحمل هاتفه.. وحتى الذي يقف أمام علامات المرور من ينتظرون أن تمطر عليهم بدراهم معدودة.. يحمل هاتفه.. وفي اعتقادي لا يجب أن التفريق في القراءة والكتب.. القراءة تحمي من العديد من الأزايمهر وتكون الرجال.. ويمكن أن تقرأ 70 ألف خبر في الهاتف ولن تتذكر واحدا عكس قراءة الكتاب.. فإذا اعتمدنا على التكوين ووضعنا الثقة في رجالات الوطن فإننا سنكون في مسار صحيح..
تعاملت مع الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي وتعاملت أيضا لسنوات عديدة مع التصوير الفوتوغرافي الذي كان سببا لولوجك عالم وفضاء صاحبة الجلالة: خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة والغنية عاشرت العديد من الشخصيات السياسية والرياضية والاجتماعية كأصدقاء ومعارف جمعتك بهم المهنة: اذكر لنا أحد أبرز هذه الشخصيات؟
الحمد لله تعاملت مع شخصيات كثيرة طيلة مساري المهني.. والحقيقة أحن لبدايتي وهي الكاميرا والتصوير الفوتوغرافي.. وأنا دائما أفضل الإعلام المكتوب لأنه يؤرخ اللحظة والتاريخ….
لقد تعرفت على شخصيات كثيرة والحمد لله سمحت ظروفي بأن ألتقي بعدة رؤساء دول أفارقة وعرب.. وما أحتفظ به في مساري المهني هو لقائي بالملك الراحل الحسن الثاني الذي كنت معجبا به وبأفكاره وثقافته.. ووقفت أمامه عند تسليمي الوسام الملكي. في نهائيات كأس العرش 1994.. من أياديه الكريمة.. ولا أكتمك السر أنني شعرت بالرهبة من تلك الشخصية التي كان يتمتع بها.. وكذلك جلالة الملك محمد السادس الله يشفيه ويعافيه. له كاريزما تشعر بها وأنت أمامه..
ثم الوالدين الله يرحمهم.. وأولادي الذين يتحملوني.. والأستاذ بدر الدين الإدريسي رفيق الدرب ورئيس التحرير جريدة ” المنتخب”.. وكل الزملاء الذين مروا من جريد المنتخب وقبلهم بمجلة “استوديو”.. كما التقيت بالعديد من الشخصيات الكبيرة في كرة القدم وألعاب القوي. والألعاب الأولمبية.. والحمد لله هذه المهنة منحتني الكثير. وأحاول أن أمنح ما تعلمناه لهذا الشباب الذي عليه أن يحمل المشعل..
حدث طريف في المجال الإعلامي لا ينسى؟
هناك طرائف كثيرة، وأسميهم حدثات.. أي إعلامي عندما يكون كثير الترحال ستحدث له الكثير من المواقف والأحداث، ويجب أن يستفيد منها..
ما هو أهم انجاز تفتخر بها في مجالك المهني؟
تأسيس جريدة ” المنتخب” وما حققته على صعيد الصورة العالمية. واعتراف اللجنة الدولية الأولمبية بالعبد لله كمصور محترف.. علما أنني عام 2011 أخترت عضوا بلجنة تحكيم دولية أولمبية لاختيار أحسن صورة في العالم.. والتي تكونت من عبد ربه و10 من كبار المصورين في العالم.. ثم اشتغالي بالكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم في لجنة الإعلام لمدة 20 سنة.. وتم تكريمي في بأديس أبابا وبقاعة نيلسون مانديلا بمقر منظمة الوحدة الإفريقية.. والأكثر من ذلك تكويننا للعديد من الزملاء والأسماء الإعلامية.. بعضهم اليوم رؤساء أقسام ويشتغلون بشكل جيد.. والحمد لله أدينا الرسالة على قدر المستطاع.. و” المنتخب” لحد اليوم مازالت تنتج أقلاما جيدا..
أنا أؤمن بالخلف الصالح الذي يخدم وطنه
حدثنا عن تجربة مجلة استوديو الفنية الفريدة
كانت تجربة ناجحة، بحيث كان المغرب ومازال يفتقد لمنصات ثقافية. ومجلة “استوديو” التي خرجت للوجود عند نهاية الثمانينيات.. جاءت هذه التجربة للاهتمام بالفنان المغربي والحمد لله ظلت المجلة لثلاث سنوات.. للأسف الإمكانيات كانت حاجزا دون أن تستمر علما أن الحقبة الذهبية للأغنية المغربية والمسرح وحتى الفكاهة تزامنت مع صدور مجلة ” استوديو”..
كانت تجربة احترافية نالت إعجاب الجميع.. وأنا راض عن نفسي لأن أي عمل قمت به إلا ويترك الأثر والصدى الطيب. بدليل أن ” المنتخب” لها مكانتها على المستوى العربي والإفريقي والأوربي.. ولم ينس الجميع لحد الآن ” الضيف الخامس”..
الحمد لله كان هناك نجاح إن كان في الصورة. وفي الإعلام المسموع والمرئي..