ثلاث مسرحيات بين دفتي كتاب

  ثلاث مسرحيات بين دفتي كتاب

 المؤلف عاشق حد الهوس للسرد ولأب الفنون

  عبد الحق السلموتي

 “نحن أيضا بشر”، “بيراميديا هذا العالم”، ثم “حمزاكيشووف” : ثلاث مسرحيات جمعها في كتاب واحد، الكاتب والمسرحي عبد الرحيم مشيمَش. رأى هذا الإصدار النور، عن منشورات مطبعة بلال بفاس، ويمتد عبر 148 صفحة من القطع المتوسط.

وجه الغلاف، زُيّن بصورة فوتوغرافية للمؤلِف، ذات خلفية تتخللها رفوف بها كتب، ثم وهو باللباس وإكسسوار العصا، اللذين اعتمدهما أثناء تشخيصه لدور الراوي، وكأني به يهش بعصاه تلك، مرويات فترة ما، من تاريخ معين، عبر مسرحية “طريق الغابة“، وهي من تأليفه وإخراجه، حيث سبق تقديمها في عرضها الأول، بمسرح سيدي بليوط، صيف 2004، حسب التعريف الوارد، في الصفحة الثانية من هذا الكتاب، في طبعته الأولى من سنة 2023.

في ليلة ونصف نهار، تجري أحداث مسرحية “نحن أيضا بشر“، وتتناول مجموعة من المواضيع الاجتماعية، بصيغة تفكهية ذات مرارة لواقع معين، عبر ثنائية بوح مسائي، بين كل من “الشحيطي” من جهة، و”طاطي” من جهة ثانية.. هو المتصالح مع ذاته،  حدّ الذوبان في تربة بلاده، عازما على عدم مغادرته لها، رغم عبث الظروف وسوء الأحوال، في حين هي مصممة على الهجرة، بشكل قانوني، شعارها ترك الجمل بما حمل.

المسرحية مكونة من خمس لوحات، ومن شخصيتين فقط. إنما شخصية “طاطي” تتفرع منها ثلاث شخصيات، فرضتها مواضيع هذه المحاورة الإنسانية بامتياز، ليمتد الصراع الدرامي في هذا المتن المسرحي، ملامسا التجاذب الحاصل بين التشبث الأكيد بالبقاء، والرغبة الجامحة في الهروب، ويُسدل ستار النهاية على السؤال: لمن سيكون الانتصار يا ترى، للبقاء أم للرحيل؟

المسرحية الثانية ضمن هذا الإصدار، الموسوم بـ “بيراميديا هذا العالم”. تقع الأحداث على امتداد خمسة أجزاء، آثر المؤلف أن يطلق عليها موجات، تماشيا مع الجو العام للمسرحية، كما اختار لها زمنا من زمن البحر أو المحيط، يعود لشتاء 1955، سنة قبل استقلال الوطن. بينما المكان عبارة عن قرية شاطئية، في منطقة ما، على طول الشواطئ المغربية، حيث تتعايش شخوص المسرحية الأربع، في صراع وجودي، يحاصرهم شكل هندسي عبارة عن “بيراميد/ هَرَم”، إحالة إلى هيمنة سيدة القراصنة (قمة الهرم)، على ساكنة القرية (قاعدة الهرم)، وشاطئها بخيره العميم.

المسرحية الثالثة في هذا الإصدار الفني، وهي أقصر من سابقتيها،اختار لها مبدعها عنوانا عجائبيا إلى حد ما، “حمزاكيشووف”، ليحيل المتلقي/ القارئ إلى أسماء أوروبا الشرقية، وما كانت تكتسيه من حمولة ذات آمال ثورية عريضة. وبقليل من التمعن، مع وضع العنوان في إطار لغة عربية فصيحة، تصبح قراءته على الشكل التالي “حمزة يرى”. وبالتالي يأخذنا مشيمَش إلى تأليفه الدرامي، على صهوة ماذا يرى بطل المسرحية “حمزاكيشووف”؟ ومن أي منظور يرى ما يرى؟ وهو يعيش تحت نير روتين عمله اليومي، المتمثل في تحرير رسائل المواطنين، أمام باب مقر مكتب البريد.

لابد من الإشارة والإشادة، باللغة الشاعرية والراقية والجميلة، التي دُبجت بها حوارات هذه المسرحيات. هي لغة أدبية صرفة، ولغة فنية في الآن ذاته، لن تتعب بكل تأكيد أي مخرج، رغب في إعدادها وتقديمها فوق الركح، فمؤلفها عاشق حد الهوس للسرد ولأب الفنون، وممارس كتوم في رحابهما. ولتقريب القارئ من أجواء هذه المتون المسرحية المتنوعة، لن نجد أفضل مما صاغه في حقها، الشاعر والناقد الدكتور محمد عرش، في ورقته التحليلية الرائعة، التي زيّنت ظهر الغلاف، ومنها نقتطف ما يلي : ((… والملاحظ أن هذه الأعمال تتأسس تبعا لما هو تراجيدي وكوميدي، حيث يتصاعد البناء الدرامي علوا، ثم يهبط، محققا نوعية الكترسيس،الذي يسعى إليه الكاتب، إضافة إلى ما هو سوريالي، عندما يسخر عبد الرحيم، من هذا الواقع ويحوله إلى ما هو عجائبي وسحري، بلغة خالية من الحذلقات البلاغية…))

قبل هذا المنجز المسرحي، المُعَد من ثلاث مسرحيات، للكاتب والمسرحي عبد الرحيم مشيمش، رواية اختار لها كعنوان “سير وكان“، كانت طبعتها الأولى سنة 2022، كما صدر له في بداية أكتوبر من هذه السنة، مجموعة قصصية تحمل عنوان “الشاعرة والوَشّام والعين الزرقاء“.

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com