قصة قصيرة من الأدب الساخر للكاتب عبد القادر فارس

قصة قصيرة من الأدب الساخر للكاتب عبد القادر فارس
د. عبد القادر فارس

مدرسة الحمير

قرر كبير الحمير إنشاء مدرسة لتعليم الحمير , تخرجهم من اتهامات الغباء، وغياب أي ذكاء، بأفعالهم من الرفس والركل والرفص، إلى الازعاج بـــ “موسيقى” النهيق… ومن أجل أن تكون الدروس بأعلى المستويات ، تقرر أن يكون كبير الحمير هو المدير ،  واستجلت لهيئة التدريس خيرة الأساتذة والمدرسين والمدربين ، ولكن بعيدا عن طائفة الحمير ،  فاستعان لهذه المهمة بأقرب المقربين من بني العمومة والأخوال ،  من الخيل والأحصنة والبغال ،  وطلب من الحصان الأصيل أن يكون كبير المعلمين،  نظرا لما يتمتع به من مواهب في النظافة والترتيب ،  وحسن التعامل مع بني البشر،  والدراية برياضات القفز والسباق،  وفنون الرقص والدبكات ،  على أنغام الموسيقى الجميلة،  وقيادة مواكب القيادات ، وطاعة الفرسان، وإحياء الأفراح والأعراس
الدرس الأول،  كان فن الإتيكيت كان بعنوان ” التعامل بكياسة دون تياسة ” ،  ولذلك تقرر أن تكون أول موضوع في ” الإتيكيت “، حسن التعامل مع بني البشر ، دون أي تعكير للعلاقة بين الانسان والحمير ،  بكل حنكة وتدبير، لعل بعد هذه الدروس ، يصل أحد الحمير لرتبة وزير ، أو على الأقل مرتبة مدير،  وأنه على مجتمع الحمير ،  أن يرتقي بالتعامل مع الغير،  وخاصة الناس ،  بكل احترام واحساس ،  فلا يجوز رفض الأوامر والإحران،  لأن الحمار الحرون يصبح غير محترم ولا موزون ،  لأن ذلك سيجلب على الحمير ،  التعب والتكدير ،  والحرمان من البرسيم والشعير ،  وعدم تعامل الانسان معهم بأي إحسان،  وهو ما سيجلب على الجانبين المناكفة والخسران
الدرس الثاني : كان في كيفية التعامل مع الجنس اللطيف ،  وفي المقدمة أنثى الحمار ” الأتان ” ،  ومعاملتها بكل لطف وإحسان ،  ولينظر الحمار إلى بني الانسان ،  كيف يتعامل الرجل مع أنثاه ،  سواء امرأة أو فتاة ،  وسواء كانت زوجته اللصيقة ،  أو محبوبته العشيقة ،  بكل نعومة ورقة ، واختيار الأفعال والأقوال بكل أدب ودقة ،  فلا يجوز للحمار – كما نرى ونشاهد – في أغلب الأحيان ، وهو يلاحق الأتان في كل مكان ،  بكل قلة أدب ودون اتزان ،  ولذلك فهو مطالب لها بالاعتذار،  ومغازلتها ومصارحتها بمطالبه خلف الجدران ،  في الإسطبل والدار ،  وبذلك يلقى القبول، ولا توصف تصرفاته الحمقاء  بأنها نزوات حيوانية ، من حمار مهووس أو مهبول
الدرس الثالث : كان في التاريخ والسياسة ، – وهنا مربط الحمار – والدرس الأهم الذي من أجله تم انشاء المدرسة ،  وتقديم باقي الدروس …. ولأول مرة قرر كبيرهم المدير ،  أن يحضر الدرس لأهميته لمجتمع الحمير  من أجل أخذ العظة من الماضي  والتحضير لما هو آتي ،  وطلب المدير من الجميع الحضور دون غياب أو تقصير ،  من الحمار الكبير إلى الجحش الصغير… وأخذ الاستاذ الحصان بشرح علاقة التاريخ بالسياسة  وربط الماضي بالحاضر والمستقبل  قائلا : إن من لا ماضي له ،  فلا حاضر أو مستقبل سيكون له ،  فلا يجوز شطب تاريخ الآخرين . وللغير التحقير والتصغير  من أجل مصالح أنية ،  أو حاجة دنيوية أو دونية ،  وأفهمهم أن من الكياسة في السياسة ، عدم ركوب الرأس والتياسة،  وألا نقول أو نفعل مثل بعض البشر ( عنزة ولو طارت ) ،  عندها تنطع أحد الجحوش من صغار الحمير سائلا : ولكن كيف لنا أن نصل للحكم والرياسة … وهنا ساد لغط كبير  وشغب كثير ،  بين الحضور من الطلاب الحمير ، اعترض أحدهم على تطاول هذا الجحش الصغير،  والطمع في الوصول إلى سدة الحكم والرئاسة .  رغم أن الحمير لا تصلح إلا لخدمة الانسان من مرتبة حمّال وعتّال ،  وأقصى ما يمكن أن يحلموا به رتبة حارس أو خفير ،  وليس مرتبة مدير أو وزير،  كما يطمح لذلك من وراء هذه الدروس زعيمهم الكبير ،  عندما أسس مدرسة الحمير.  غير أن الجحش الصغير قرر الخروج من الدرس،  وبدأ يجمع حوله بعض الجحوش والحمير “الرافضة” لرئاسة وقيادة البشر للبلد ،  وقرروا القيام بانقلاب دون تفكير  أو تمحيص وتدبير ،  طمعا في المناصب والمكاسب والوصول للقيادة والرئاسة ، وكان لهم ما ارادوا بالخروج عن الطاعة  والتحكم في الشارع والحارة .  بعد أن تركوا مهنة الحراثة وقيادة الكارة …, وصار منهم القادة ،  ودانت لهم القيادة ،  وظنوا أنهم السادة ،  فتدهورت أحوال البلاد ،  التي وصلت إلى الحضيض بعد أن غاب العقل والتفكير،  وأغلق الحوار بين البشر والحمير ،  واجتاح البلاد  الجراد والقراد .  وصارت الهجرة والاغتراب والبعاد،  مطلب الكبار قبل الشباب والأولاد ،  ما دامت الجحوش والحمير تحكم البلاد …. وبعد هذه الدروس ،  وما فعلته وأنتجته من عداوة وعداء ،  وما جلبته من تراجع ونكوص ،  من قبل الأغبياء والتيوس ،  قرر كبير الحمير إغلاق المدرسة  وعدم تقديم أي دروس

د. عبد القادر فارس

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com