اليوم العالمي للشباب
المشاركة والتنمية والسلام
:استهلال أولي
غالبا ما تعد المناسبات الدولية والعالمية ، فرصا مواتية لتثقيف الجمهور العام بشأن القضايا ذات الإهتمام ، ولحشد الإرادة السياسية والموارد اللازمة لمعالجة المشكلات العالمية وللاحتفال بانجازات الإنسانية وتعزيزها . وقد عمدت منظمة الأمم المتحدة إلى احتضان تلك المناسبات واعتمدها باعتبارها أدوات قوية للتنمية
حقائق وأرقام لها صلة بموضوع اليوم العالمي للشباب وطنيا ودوليا
رغم عدم وجود تعريف دولي متفق عليه عالميا للفئة العمرية للشباب ، إلا أن الأمم المتحدة ولأغراض احصائية ، ودون المساس بالتعاريف التي تضعها الدول الأعضاء ، وتعرف الشباب على أنهم الأشخاص المتراوحة أعمارهم مابين 15 و 24 عاما . وقد نشأ هذا التعريف في سياق الأعمال التحضيرية للسنة الدولية للشباب( 1985 ) . وأقرته الجمعية العامة في قرارها رقم 28/36 لعام 1981 . وتستند جميع احصاءات الأمم المتحدة بشأن الشباب إلى ذاك التعريف ويوجد هناك 1,2 مليار من الشباب المتراوحة أعمارهم مابين 15 و 24 سنة يمثلون 16% من سكان العالم . وبحلول سنة 2030 من المتوقع أن يرتفع عدد الشباب بنسبة 7% – وهو الموعد المرتجى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة – ليصل بعد ذلك إلى مايقارب 1,3 مليار من الشباب
بالاستناد إلى بعض الوثائق الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب ، وذات الصلة بموضوع الشباب ، نجد انها تسجل ارتفاعا في صفوف الشباب ، يقدر ب 2،5 نقطة في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم مابين 15 و 24 سنة ، منتقلا من 33،6 % إلى 36،1 % ، وب 1،6 نقطة في صفوف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم مابين 25 و 34 سنة ، منتقلا من 19،8% إلى- %21،4
ووفق المذكرة الصادرة عن المندوبية حول وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثاني من سنة 2024 ، فقد سجل ارتفاعا يقدر ب 0،1 نقطة في صفوف الأشخاص المتراوحة أعمارهم مابين 35 و 44 سنة منتقلا من. 7،2 % إلى 7،3% وأوضحت المندوبية أن سوق الشغل خلال النصف الثاني من هذا العام يعاني من آثار الجفاف ، مسجلة فقدان 141 الف منصب شغل بالوسط القروي اساسا غير مؤدى عنها واحداث 60 الف منصب شغل بالوسط بالوسط الحضري ، فضلا عن تراجع الحجم الإجمالي للشغل مابين الفصل الثاني من سنة 2023 ونفس الفصل من سنة 2024 بما يقارب 82 ألف منصب شغل
لقد كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب ، عن وجود الالاف من الشباب والشابات لا مكان لهم في منظومة التعليم والتكوين والشغل ، أي انهم غير مدمجين اجتماعيا ، وهم مايعرفون بشباب النيت ، وحسب ما جاء في تقرير رئيس المجلس السيد أحمد رضا الشامي ، حول هذه الفئة العمرية ، أن عددهم يقدر بمليون ونصف المليون شاب وشابة تتراوح أعمارهم مابين 15و 24 سنة ، ليسوا تلاميذ ولا طلبة ولا متدربين في التكوين المهني ، اي انهم في وضعية بطالة ، ويرتفع هذا الرقم في وسط الفئات العمرية مابين 15 و 34 سنة إلى 4،3 مليون شاب وشابة
واستنادا عليه فإن المجلس يوصي بتعزيز قدرات رصد وتتبع شباب “النيت” والفئات الهشة من الشباب ، وذلك من خلال انشاء نظام معلوماتي وطني له امتداد جهوي لرصد وتتبع مساراتهم ، يضم معطيات متقاطعة من مصادر متعددة ، كما أوصى بارساء منظومة موسعة لاستقبال وتوجيه هذه الفئة إلى حلول ملائمة لوضعياتهم المختلفة من خلال تطوير شبكة مكثفة من بنيات الإستقبال والتوجيه والاستماع ، في مختلف الجماعات الترابية، تخضع لميثاق موحد ، يحدد أدوار وأنشطة ومسؤوليات مختلف الفاعلين المعنيين
الأمم المتحدة واليوم العالمي للشباب
عادة ما يُحْتَفَل باليوم العالمي للشباب في 12 غشت من كل عام ، وذلك لتكريم دور هذه الفئة المجتمعية وتسليط الضوء على مختلف قضاياها والتحديات التي تواجهها ، وفي نفس الوقت للإحتفاء بامكاناتهم الإبداعية وطاقاتهم الخلاقة
ويكتسي هذا اليوم صبغة التوعية بالقضايا المتعلقة بهم مثل التعليم والعمل والصحة والمساواة ، وذلك لتمكينهم من المشاركة الفعالة والهادفة في بناء المجتمع واتخاد القرارات التي سيكون لها الأثر الايجابي على حياتهم
وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1999 تاريخ 12 غشت من كل عام يوما دوليا للشباب ليكون بمثابة احتفال سنوي للشباب باعتبارهم شركاء أساسيين في حركية التغيير ، وليكون ذلك الإحتفال بمثابة فرصة لاذكاء الوعي بالتحديات والمشاكل التي تواجه شباب العالم
كرونولوجيية تأسيس الإحتفال باليوم العالمي للشباب
: في عام 1965 أقرت
الجمعية العامة بقرارها 2037 (د – 20 ) ، الإعلان الخاص بتعزيز مُثُل السلام والاحترام المتبادل والتفاهم بين الشعوب وبين الشباب
وخلال العشرية المتراوحة مابين 1965 و 1975، ركزت الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي على ثلاثة محاور أساسية في مجال الشباب وهي : المشاركة والتنمية والسلام
وفي 1979 أعلنت الجمعية العامة بموجب قرارها رقم 151/34 ، عام 1985 سنة دولية للشباب
وفي 1985 وبموجب القرار 14/40 أبدت الجمعية المبادىء التوجيهية لمزيد من التخطيط والمتابعة المناسبة في مجال الشباب . واعتبرت هذه المبادئ التوجيهية مهمة لتركيزها على الشباب كفئة واسعة تضم مجموعات فردية مختلفة، بدلا من اعتبارها كيانا ديموغرافيا واحدا ، وقدمت مقترحات لتدابير محددة
اما في 2009 فاعتمدت الجمعية العامة القرار 134/ 64 بإعلان السنة التي تبدأ في 12 غشت 2010 السنة الدولية للشباب ، ودعت الحكومات والمجتمع المدني والأفراد في جميع أنحاء العالم إلى دعم الأنشطة على الصعيد المحلي والدولي للإحتفال بالحدث
وفي 1999 أقرت الجمعية في قرارها 120/ 54 ، التوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب ( 8 – 12 غشت 1998 ) باعلان الثاني عشر من غشت يوما دوليا للشباب يحتفل به كل عام
بعض شعارات الإحتفال بهذا اليوم
عادة ما تختار الأمم المتحدة موضوعا للاحتفال ، يكون مصحوبا بشعار يعكس القضايا الشبابية الأكثر إلحاحا ويعكس الموضوع المختار التحديات والأغراض التي يواجهها الشباب في العالم ، وفيما يلي جرد مختصر لتلك الشعارات والمواضيع . ففي 2017 كان الشعار هو الشباب يقود الاستدامة لبناء السلام
وفي 2018 تم اختيار شعار ابدع انطلق . وكان ذلك مرتبطا بشكل أساسي بمهارات الشباب والتحمل الرقمي
أما في سنة 2019 فكان شعار الإحتفال هو النهضة في التعلم ، وهو مايعكس الاعتقاد الراسخ بأهمية التعليم ، باعتباره الأداة الكفيلة بتحقيق التقدم والازدهار
وفي سنة 2020 كان شعار الإحتفال هو إشراك الشباب في الجهود الدولية ، وذلك من أجل تحفيز العمل العالمي ، وتسليط الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه الشباب في صناعة المستقبل
وخلال سنة 2021 كان شعار الإحتفال هو تحويل النظم الغذائية ؛ ابتكارات الشباب من أجل صحة الإنسان والكوكب ، وبالتالي فهو يهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الدور الحيوي الذي يلعبه الشباب في معالجة مختلف التحديات العالمية
وفي سنة 2022 تم اختيار الشعار التالي ، التضامن بين الأجيال : خلق عالم لجميع الأعمار، واعتبار الشباب وسيلة لتسليط الضوء على اهمية التعاون بين الأجيال المختلفة لبناء مستقبل أفضل للجميع، وانهم في المقدمة يقودون التغيير من خلال الابتكار الرقمي
اما في سنة 2023 فكان شعار الإحتفال بها مستوحى من رسالة القديس بولس الرسول الى الرومان وجاء كالتالي : بالرجاء فرحيين .ويعني الحفاظ على الأمل والتشبت به في مواجهة كل التحديات والصعوبات، والتأكيد على ضرورة أن يظل الشباب متفائلا بالمستقبل الأفضل دوما
وفي سنة 2024 : كان شعار وموضوع الإحتفال بهذا اليوم: من النقر إلى التقدم : مسارات الشباب الرقمية للتنمية المستدامة، بالتركيز على دور التكنولوجيا الرقمية في الحياة العامة ، وخلق فرص الاستفادة منها لتحقيق التنمية المستدامة . فالشباب هم مستقبل كل مجتمع وهم القوة الرافعة للإبداع والتغيير، ولذلك فإن أمر التطور مرهون بالقدرة على النهوض بهم وتوفير كل الدعم لتحقيق طموحهم
وفي رسالة الأمين العام للأمم المتحدة السيد انطونيو غوتيريش ، بمناسبة هذا الاحتفال ، يرى:【 بأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب تحولا جذريا ، وهو مالايمكن أن يحدث الا اذا قمنا بتمكين الشباب والعمل معهم على قدم المساواة 】، ويضيف قائلا 【 بأن على دول العالم الاستفادة من طاقات وافكار الشباب ، لتشكيل مستقبل أكثر استدامة للجميع (….) إن اليوم الدولي للشباب يحتفل بقوة الشباب وامكاناتهم وينصب تركيز احتفال هذا العام على الدور المحوري للشباب في تسخير التكنولوجيا للنهوض بالتنمية المستدامة ] وقد دعا – خلال رسالته تلك – إلى 【 أن مؤتمر القمة المعني بالمستقبل الذي سينعقد في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من ديسمبر المقبل ، فرصة لبناء آليات عالمية لحل المشاكل ، تكون أكثر ترابطا وشمولا 】
المختار عنقا الادريسي