خواطر امرأة
عبور متأن
أحبتي أنا مجرد عابرة في كرونولوجيية التاريخ، أحمل مختلف روائحه المتباينة ، المتراوحة ضمن صيرورة زمانية ومكانية ، تلتهم احاسيسنا ، التائه منها وحتى المنفلتة لحظاته ، ولاتبقي على الحنين اوالاحلام ، تسرقها منا تباعا رائحة وعطر الذكريات بنوعيها الجميلة والكئيبة ، وتحولها مع توالي الايام لشيء من المجهول او – على الاقل – المتجاهل ، وتُصَيِّرُها صفحة بيضاء في كتب التاريخ ، هذا التاريخ الذي تعلمنا أنه يعيد رسم المعالم والأمكنة والأزمنة التي توالت وانقضت بغير رجعة ، وفي نفس الوقت اجدني مشدودة الى حمل سنوات ضوئية من الجغرافيا في دمي، بكل تلاوين امكنتها ، ومسارات دروبها الملتوية ، وكل الفضاءات التي ترتبط بها، أولها علاقة بكينونتنا ، ومن خلالها صيرورتنا . وعموما يبقى التاريخ هو الحياة الابدية للذاكرة المتقدة او حتى المتعبة ، يشحذها ويجعلها منساية الجريان نحو أفق فير الذي نعيش لحظاته ، فمنذ سنين ضاربة بعمق في مسيرتي التعلمية وحتى التعليمية برحاب كلية الاداب ظهر المهراز بمدينة فاس العريقة والقديمة قدم ذاك التاريخ ، عرفت أن التاريخ عادة ما يبدأ بحلم / احلام رائقة ، تحضرنا على الدوام وتعشش في دواخلنا ، وتبقى مصاحبة لنا إلى الابد فكلما اشرعناه باب الاستفاقة والاسترجاع كذكرى أوتذكر لنازلة او حدث ما ، أو كلحظة صدق ووفاء واخلاص ونظافة قلب نابض بالمحبة والرزانة ، او يذكرنا باهمية القيم وسمو مبادئها التي اقتنعنا بها بحكم العلاقات التي عشناها ، وعندئد تجود علينا الذاكرة بمشهد/ مشاهد ماضوية عابرة تخترق الدروب والمحطات المستنبتة في تربة التاريخ والجغرافيا.فما عساني أنا فاعلة امام هذا الكم الهائل من الذكريات والتذكرات الذي يقض مضجعي على الدوام ؟ فتكبر في رغبة التساؤل والسؤال ، وأنا الجسد والروح العابرة للزمان والمكان المحلقة بمحبة وصفاء في الملكوت ، السائرة بتؤدة في متاهات القدر ، والمتنقلة في جغرافية وطني المتعددة ، من ” بركان ” موطن النشأة الأولى ، إلى “فاس” مترع النهل من احواض المعرفة الجامعية ، فمدينة ” الناظور” المدينة التي تلمست فيها خطواتي المهنية ، مستأنسة بدهشة الاشتغال التربوي ، ثم المدينة الغول ” الدار البيضاء” التي بنيت فيها صحبة رفيق الدرب الطويل ، عش الحياة الزوجية ، واخيرا عروس الشمال مدينة ” طنجة ” التي حططنا بها الرحال حاليا ، دون ان ادري إلى أين أنا / نحن – واقصد هنا اسرتي الصغيرة – سائرون ، أو نحن بعدها ذاهبون ، أو متوقفون لنحط الرحال . ويبقى كل ما ادريه واعيه هو أني اخط خاطرتي هذه ضمن منظومة كتابات سابقة ، الخيط الناظم بينها هو محبة وشغف تقاسم مختلف خواطري ، التي قد تكون جميلة ومعبرة كما قد تكون بلا معنى ، وذلك تبعا لقارئها أوقارئتها ، غير اني ابقى أنا المسؤولة عنها ، وعن كل ما تحمله اسطرها من معان، ودلالات وحمولة، او إشارات تتعدد مداخل فهمها والتعليق عليها، أواستيعابها واستضمارها .
…في انتظار خاطرة أخرى أو تشضي اخر لا أعلم متى ولا كيف سيكون ، مع الاعتذار سلفا للجميع
ثريا الطاهري الورطاسي: 7 غشت 2024