مسامـير في الـرأس: بوكـــوفســكي
كنت دوما وحيــدا على الرغم من أنــي وســط الناس
الشاعر المغربي مصطفى قلوشي
وكنا نَكبرُ فجأة
، كلما كَفّتِ الجدة عن الغِناء
أو سَردِ حكاياها
. في ليالــي الشتاء
~ ~ ~ ~ ~
.. لَيلَةً بَعدَ أخرى
.. تَعترفُ الرّيحُ بأخطائها
.. تُحصِيها
. ثم تنـــسى
~ ~ ~ ~ ~
الحياة شارة نصر
لِجُندِيٍّ مُنهَزِم
. في مَعاركَ طاحنة
~ ~ ~ ~ ~
مذ رَحَلَ ساعي البريد
.. عن دُرُوبِ حَيِّنا
.. لا أنتظرُ رَسائِلَ مِن أَحَد
~ ~ ~ ~ ~
، العصافيرُ السّجينة بين أصابعي
أُخَبِّئُها لأيّامِيَ الأخيرة
لِتُؤنِسَ وَحدَتي
.. فأموت طرَبا
~ ~ ~ ~ ~
أيّها المَوتُ
، لا تُقامِر معي بِنردٍ زائف
… فأنا الخاسِرُ دوما
~ ~ ~ ~ ~
أنجو بأعجوبة
مِن حُلمٍ كاد يَدهَسُني
. في طريقه إلـى النسيــان
~ ~ ~ ~ ~
.. وأنسى
.. لا أحد ينتظر عودتي في المساء
وَحيداً صِرتُ كَزَهرَةِ صبّار
.. في الصحراء
. كَصَخرَةٍ في مُنحَدَرِ وادٍ سحيق
~ ~ ~ ~ ~
وحيدة… وحيدة.. هذه السماء
لولا زَقزقاتُ العصافير
.. وأرواحُ الشهداءِ الصاعِدَةُ إلى مدارجها
~ ~ ~ ~ ~
وأنسى
، أنَّ القصيدةَ شركٌ
مشنقة تَـَتَدّلى
. من سَقفِ العدم
وفي غالب الأمر هيَ مَحضُ ذَريعة
. لاستمرارا لحياة
~ ~ ~ ~ ~
.. في الحنين
تَصيرُ الحياة مُحايِدَةً
.. لا لَونَ لها ولا طعم
.. سوى هذا العدم يذبح حضورنا
~ ~ ~ ~ ~
اليوم كان بارحة
والبارحة في الأصل
.. هو يومنا الذي عشناه
.. الأيام تــتشابه يا صديقي
. نحن فقط نموت ببــطء
~ ~ ~ ~ ~
حينَ تذبل الوردة
، في حُضنِ أصــيص
، من يشعر بوجعها
غَيرُ التراب؟؟
~ ~ ~ ~ ~
.. هُوَ الحُبّ
.. قَدَرٌ مَحتومٌ لا يُرَدّ
. ولا يُؤَجَّل
~ ~ ~ ~ ~
لا شَيءَ أخافه بَعدُ
، في مَحطاتِ العُمر الأخيرة
.. غير أغنيَةٍ في البال لفيروز
. أسمَعُها فيذبحني الحنين
~ ~ ~ ~ ~
أنا والشتاء
، نُحِبّكَ أيّها العُمر
.. فابقَ مَعنا طويلاً ما استطعت
.. لا تَــذبلْ سريعاً مِثلَ شقائقِ النّعمان
~ ~ ~ ~ ~
مَن يَتَرَدّى في الحضيض
لن يَستَمتِعَ بزرقةِ السماء
.. وأناشيدِ العصافير
، فقط هي صرخة بحجم الارتطام بالقاع
… وانتهى الأمر
~ ~ ~ ~ ~
.. أنا الظلُّ المُسنَدُ إلى العراء
، أنا الظِلُّ الذي أكَلَ الطيرُ مِن رأسِه
وتركه وحيداً في حقــول القيــظ
عَرّابَ عزلة
~ ~ ~ ~ ~
.. فقط
اُترك يديكَ تربِــتان
، على كل هذ الفــراغ
.. كي تَطمَئِنَّ خــطاك أكـــثر
~ ~ ~ ~ ~
، لا أنتـــظِرُ أحــداً
.. ولا أحَــدَ ينــتظرني
غير هــذا الموتِ المُترَبِّصِ بــي
. عندَ مُــنعطفِ القـــصيدة
~ ~ ~ ~ ~
كيف يَتَدَفّقُ كلُّ هذا الماء
.. أيّها النهر
! ولا تَغسِلُ أحقادَ ضفافك؟
~ ~ ~ ~ ~
، ليس لي أيُّ سِرٍّ بَعدُ
حتى أتركَ الكِلابَ
تَنـهــشُ قلبَ اللــيل
… بالنباح
مصطفى قلوشي – المغرب
Related