التطريزة 14:الجزء الثاني
نساء تركن للتاريخ بصمات في الكفاح من أجل الحرية
:ملاحظة مدخلية
:سبق أن تعرضنا في الجزء الأول من هذه التطريزة إلى الحديث عن المجاهدة التونسية خديجة رابح ، وسنتوقف في الجزء الثاني عند المجاهدات
فاطمة بنت بوبكر
أم السعد يحي
:في حين سنخصص الجزء الثالث من هذه التطريزة إلى محطتين تشملان
شاذلية بوزقرو
مبروكة القاسمي
لنتوقف في نهاية التطريزة عند الخلاصات التي عَنٌَت لنا
ثانيا : فاطمة بنت بوبكر
هي فاطمة بنت بوبكر بن أحمد المحرزي من مواليد سنة 1919 في ولاية سليانة ، بمنطقة برقو وهي سليلة أسرة مقاومة فأخوها هو المقاوم عبد الوهاب بوبكر وزوجها هو المناضل بلقاسم بوحجر البرقاوي ، وقد كانت تتكلف بطبخ الأكل للفلاقة المرابطين في الجبل وتغسل لهم ثيابهم وتخيطها ، ثم تسلم كل ذلك لزوجها ليوصلها بدوره إلى المجاهدين في الجبال ، كما كانت تخفي أحد المقاومين وتدبر له ثيابا من الأزياء التي تعرف بها المنطقة قصد التمويه أثناء الحركة وخلال التنقلات . وقد تعرضت لأبشع الاعتداءات من قبل الجيوش الفرنسية ،حيث تم اغتصابها أمام مرأى الأطفال الباكين هي وسلفتها وضرتها صغيٌرة بنت علي، خلال حملة الانتقام لمقتل الجنديين اللذين وجدت جثتاهما في كيسين بالجبال . فلبست الحداد وخلعت الحلي وطلت وجهها بالرماد ، معلنة ان لا هدنة مع المستعمر ، وان لا فرح بعد اليوم الا فرح الاستقلال . واستنادا إلى بديهتها لاحظت ان أمرا ما يحاك للمقاومين ، وبسرعة اكتشفت ان من بين عناصر المقاومة يوجد أحد الخونة كان قد وضع السم للمجاهدين فقامت بقلب قصعة الطعام وجلست عليها حتى لا يتناولها المعنيون وتكون الكارثة . وأثناء معركةبرقو سيتم القاء القبض عليها وهي تخفي الأسلحة في قفة الخضار ، فحكم عليها بثلاثة أشهر نافذة
ثالثا : أم السعد يحي
ولدت أم السعد في قرية المطوية بولاية قابس ولم تتأخرفي الإنضمام الى الحركة الوطنية عند انطلاقتها ، كما لم تتوان في القيام بكل ماكان يطلب منها من مهام كطباعة وتوزيع المناشير ، وتخزين الأسلحة لصناعة المتفجرات ووضعها رهن اشارة كل المجاهدين، كما حولت منزلها في باب السويقة بالعاصمة ، إلى ملجأ آمن يأوي ويحتضن الفلاقة ويختزن أسلحتم وبياناتهم ويحتضن اجتماعاتهم السرية والعلنية مسجلة حضورا قويا في العديد من الأحداث التي كانت تعتبر مفصلية
وفي كتابها عن جذور الحركة النسائية بتونس ، تروي ليليا العبيدي أن خديجة رابح كانت تقول عن المناضلة أم السعد يحي مايلي : لقد شاركت انا وابنة عمي أم السعد ، وكنا من الأوائل اللائي ساهمن في الحركة الوطنية التي كانت تخلو من العنصر النسائي . إن أم السعد وطنية وشجاعة وقد عاشت أرملة ، وتضيف انها تتذكر اليوم الذي كانت قد خبأت فيه أم السعد سي الحبيب اثنى عشر يوما كاملا سنة 1943 بعد فراره من الملاحقة الفرنسية.وخلالها التقى العديد من مناصريه وهو الأمر الذي سيكسبها مكانة خاصة عنده ، مما جعله يمنحها بعد الاستقلال ، وسام الاستقلال ويطلق اسمها على أحد الشوارع المجاورة لمقر سكنها
ونخلص في هذا التوقف السريع إلى القول بأن أم السعد ساهمت إلى جانب غيرها من نساء حركة النضال التونسي في دعم المقاومة الوطنية ، وتقديم الدعم اللوجستي لها وواجهت الكثير من المخاطر في إيواء مختلف المناضلين وبذلك تبقى رمزا للمراة التونسية المناضلة التي وقفت في وجه الظلم ، وكافحت من أجل الحرية والاستقلال ، وساهمت في كتابة تاريخ المقاومة ، وتنكر لها المؤرخون ولم ينصفوها ، كما ظلمها التاريخ وتنكر لها