أقصوصة

عبد الحق السلموتي

….إنه قادم

ابق حيث أنت.. لا تتحرك قيد أنملة.. إن كنت واقفا، عليك أن تظل كذلك. وإن كنت جالسا أو قاعدا أرضا، عليك أيضا أن تحافظ على وضعك ذاك

من مكانك حيث أنت، سواء كان وضعك وضع وقوف، أو عكس ذلك، فمن بين ما يجب عليك نسيانه وعدم التفكير فيه البتة، هاتفك الخلوي. انسه. انسه تماما. افترض أنك غير حاصل عليه ولا مالك له. في لحظات كالتي نحن عليها الآن، إن رنّ اعتبر نفسك غير معني به، ولا هو معني بك. اتركه يصدح بتلك الرنة، التي قد تكون عبارة عن مقطع من أغنية ماجنة ومشهورة، أو من موسيقى كلاسيكية هادئة وباعثة على النوم، أو عبارة عن دعاء مختصر، بصوت متخشع أو يسعى صاحبه ليكون كذلك

في هذه الظرفية الخاصة والاستثنائية، تعد مسألة حمل الهاتف، قصد تلبية طلب المتصل خطيئة، أما حمله لإجراء اتصال فهي خطيئة “بجلاجل”، كما يقول إخواننا المشارقة

ليس هذا فحسب

إياك أن تشهق أو تزفر، أو تلتفت جهة اليمين أو جهة الشمال، أو تطأطئ رأسك مفكرا أو ساهيا أو شاردا، أما الرغبة في الذهاب إلى المرحاض، فاكبتها أو اقمعها أو أجّلها، ذاك شأنك

تسألني عيناك لماذا ؟ لماذا كل هذا ؟

ألا تستحي ؟ كل هذا العمر الذي قضيته معنا في هذه الشركة، ولا زلت تسأل : كيف ؟ ولماذا ؟

تنسى أم تتناسى ؟

هكذا يصبح حالنا يا صديقي، في كل مرة يتم إبلاغنا بأنه قادم

السيد المراقب العام / “بيك بوص” الشركة في الوقت ذاته

هو قادم بكل تأكيد

الآن أو بعد لحظة

أو بعد زمن