محمد بوفتاس: ” الشياطين لا تثوب ” نقطة تحول في كتاباتي
حوار حصري خاص بألوان مع الكاتب والشاعر محمد بوفتاس
الشعوذة والمتاجرة بالدين وباء ينخر المجتمع
محمد بوفتاس: الصحفي والشاعر، والقاص والروائي والسيناريست، الأمازيغي المغربي الذي اشتهر بحبه للابداع بكل تجلياته، عشق متجدر يصل إلى أدغال الصبا البعيد، عقود من القراءات والكتابات والتجارب صقلت موهبة الكاتب، فتعددت المجالات والجودة واحدة
أصدر روايتين( الانهيار، وفانتازيا الجحيم) ومجموعتين قصصيتين (التماثيل ، والهذيان، ومملكة النساء) ومجموعة من مسرحيات الأطفال، وديوانا شعريا بعنوان ( ديوان الغجر) ، و يستعد لإصدار ديوان جديد، نترك قراء و متابعي الوان مع هذا الحوار الحصري مع صديق ورفيق وزميل في مهنة المتاعب لنقف عند تجاربه وآشياء أخرى، اكتشفوها معنا هنا
“آخر أعماله التلفزيونية خلال شهر رمضان، مسلسل “الشياطين لا تتوب”
تدور أحداث مسلسل “الشياطين لا تتوب” للمبدع محمد بوفتاس و للمخرج المغربي حميد زيان حول “الشعوذة والرقية الشرعية والتجارة بالدين“، انطلاقا من شخصية عبدالسلام، رجل متورط مع عصابة تبحث عن الكنوز في قريته، فيفر منها ليستقر في أحد الأحياء الشعبية بالمدينة، حيث يمارس ما يصطلح عليه شعبيا بالرقية الشرعية، مستغلا سذاجة من يقصده من السذج أملا في العلاج
بداية ، نشير إلى أن لك اهتمامات متعددة ، انطلقت من المسار الصحفي بدايتها، وتمددت لتشمل كتابات إبداعية في الشعر والقصة ، وانتقلت الى الاهتمام العميق بالكتابة التلفزيونية لسيناريوهات باللغة الامازيغية والعربية ، نالت استحسانا وإعجابا من الجمهور المغربي المتتبع للقنوات الوطنية الأولى والامازيغية والثانية وحتى القناة السعودية إم بي سي
نرغب في أن تحدثنا وتقرب قراء ومتتبعي ألوان عن هذه المسارات بتركيز وتجعلنا نعرف أي الإبداعات تجعلك أكثر فاعلية وتجاوبا معها وأنت تعانق الكتابة ؟
بدأت حياتي المهنية صحفيا ، ولازمتني هذه المهنة طوال حياتي، ولها الفضل في أنني تعلمت مهنة الكتابة ، لأنني عملت إلى جانب ألمع وأبرز رموز الصحافة المغربية، أقول تعلمت مهنة الكتابة، وبالموازاة معها نمت موهبة الكتابة الابداعية التي بدأتها شاعرا، خاصة وأن أستاذي في الثانوية كان هو الشاعر المغربي الكبير ادريس الملياني، كما درسني أيضا المسرحي الكبير عبد الكريم برشيد، ثم انعطفت نحو القصة القصيرة والرواية ، خاصة بعد ملازمتي لأستاذي المرحوم محمد زفزاف الذي كان له الفضل الكبير في ايماني بموهبتي ، أضف إلى ذلك علاقتي بالكاتب الكبير الأستاذ محمد صوف الذي شجعني على ولوج عالم الصحافة مع بيان اليوم الثقافي ، ثم ولجت عالم الكتابة السينوغرافية، ووجدت فيها مجالا أكثر رحابة للتعامل مع الشخصيات في مواقف مختلفة وبسلاسة واقعية لقيت قبولا لدى المتفرج ، وما زلت أجدد إمكانياتي وأتعلم في كل يوم مع كل كتابة إبداعية
كيف تقيم التجربة التلفزيونية من خلال الاعمال التي قدمت حتى الان؟
لا أعتقد بأنني قادر على تقييم تجربتي الشخصية ، لأنني ما زلت أتعلم حتى أتقن المهنة رغم ما راكمته من أعمال، لكن هناك ملاحظات تتعلق بضيق آفاق البث في غياب القنوات الخاصة ، وتخوف أصحاب رؤوس الأموال في الاستثماربمجال الانتاجات التلفزية أو السينمائية، لقد تعلمت من خلال الاحتكاك بالممثلين والمخرجين الكثير من تقنيات العمل ، لكن الفكرة وتطويرها تبقى رهينة التراكمات الثقافية والقدرات الذاتية الابداعية، وبالطبع فلكل منبر تلفزي ميزته الخاصة. وأنا فخور بما قدمته ، لكنني لا أعتبر بأنه مثالي. وما زلت أجدد نفسي وكتاباتي كل مرة
هل انت راض عنها، وما الذي يمكن تغييره لو أتيحت لك الفرصة ؟
ذات مرة قالي لي أستاذي محمد زفزاف رحمه الله، عندما يعجبك عمل كتبته فاعلم بأنك انتهيت، طوال هذه السنوات ما زلت أكتب وأبحث وأنتج. لست راضيا كل الرضى عن كل ما كتبته، لكن ذلك لا يعني بأن كل ما كتبته ليس جيدا، بل هو كذلك بشهادة الآخرين، وهذا حافز يدفعني إلى مزيد من البحث حتى أحسن مهاراتي، ربما لو رجعت للوراء قليلا لعدت إلى الكتابة المسرحية، ولكن للأسف حتى المسرح تراجع أمام هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة اليوتوب. ولقد فكرت مرارا في تفعيل قناة يوتيوب مع فريق عمل من الشباب وربما أفعل لاحقا
كثر الكلام والانتقادات عن اعمالك السابقة ، اذ بعضهم قال انها تفتقر إلى التنسيق بين الاحداث والشخصيات، مما يجعل العمل الفني مهزوزا. ما ردك على ذلك؟
الانتقادات مهما كانت تبقى عنصرا إيجابيا لأنها تؤكد على التفاعل الجماهيري، لكن القول بانعدام التنسيق بين الاحدث والشخصيات يبقى مستبعدا لأن العمل يخضع للانتقاء من طرف لجنة تناقش العمل بكل تفاصيله قبل الموافقة عليه، كما أن هناك مراقبة من طرف شركة الانتاج التي لن تقبل بتصوير وعرض عمل لا يرقى إلى مستوى سمعتها، وقبل التصوير عناك دائما جلسات تنسيق تتم بين كاتب السيناريو والمخرج لإجراء التعديلات الضرورية، إذن هناك عمل كثير يتم قبل التصوير، إذن فهو عمل فريق كامل وتنسيق ومراجعة، ولا يمكن أن يكون العمل مهزوزا او يفتقر إلى التنسيق بين الأحداث والشخصيات اللهم إلا إذا كانت الشركة المنتجة لا تهتم بسمعتها أو مكانتها
حدثنا عن التجربة الرمضانية الجديدة التي يتابعها جمهور كبير ؟
حاليا ولأول مرة يعرض لي عمل في القناة الثانية بعنوان ( الشياطين لا تثوب)ـ وهو يعالج موضوع ما يسمى بالرقية الشرعية والمتاجرة بالدين، وقد اتسمت لجنة الانتقاء في القناة الثانية بالكثير من الشجاعة لقبول هذا العمل وهو أمر يحسب لها ويجعلها رائدة في طرح القضايا التي تهم المجتمع
هذا العمل هو عبارة عن سلسلة من أربع حلقات مدة كل حلقة 52 دقيقة، ولعل ما ساهم في نجاح هذا العمل إلى جانب الموضوع والسيناريو، وجود ممثلين مرموقين من النخبة وخاصة ربيع القاطي الذي كان رائعا ومتميزا ووجوده أعطى للعمل قوته وتأثيره. وأرجو أن تتاح لنا فرصة العمل معا مرة أخرى في المستقبل. ولقد لاقى ترحيبا كبيرا من المشاهدين ويتجلى ذلك من نسبة المشاهدة في اليوتوب وعدد التعاليق وطبيعتها. سلسلة الشياطين نقطة تحول مهمة في مساري الابداعي وارجو أن تمنحني القناة الثانية فرصة لطرح قضايا أخرى لها نفس الحدة. خاصة وأن المتاجرين بالدين يمارسون تعتيما للعقل وتغييبا للوعي من أجل الهيمنة على سلوك الأفراد وتفاعلهم. الشعوذة والمتاجرة بالدين وباء ينخر المجتمع من الداخل ويرسخ التواكلية وغياب الوعي النقدي الذي يمكن أن يساهم في رقي المجتمع
ما هي الآفاق المستقبلية التي ترنو اليها؟
لدي أحلام أرجو أن أحققها خاصة مسلسلات تاريخية لها بعد وطني كتبتها، ولكنني لم أتمكن من إقناع شركات إنتاج لتقديمها في كلبات العروض، كما أرجو أن تتاح لي فرصة العمل مع القناة الثانية من خلال مسلسلات تلامس بجرأة العديد من القضايا الوطنية
كنت أحلم دائما بأن يكون لي برنامج إذاعي ليلي مثل ” سمير الليل” ولربما يتحقق هذا الحلم يوما ما. أما على مستوى الشبكة العنكبوتية فأنا أستعد لإعادة تفعيل قناتي على اليوتوب وربما جمع فريق انتاج لهذه القناة
هل تفكر في اجتياز عتبة التلفزيون الى فضاء الفن السابع وغزو الشاشة الكبرى ؟
حاولت وقدمت عبر شركتي انتاج مشروعي فيلم سينمائي ودافعت عنهما أمام لجنة الدعم للمركز السينمائي المغربي، لكن لجنة الدعم كان لها رأيها الخاص وحساباتها رغم تنويهها بالأعمال التي قدمتها وإعجابهم بالفكرة. أما الاستثمار الخاص في مجال السينما فما يزال ضعيفا
ماذا عن الامكانيات المتاحة لإنجاز عمل تلفزيوني بهذا الحجم؟
الإنتاج التلفزيوني تتحكم فيها طلبات العروض التي تحدد ما هو مطلوب والمعايير التي ينبغي التزامها، والشركات المنتجة تختار الأعمال التي ستقدمها بناء على منصوص طلب العروض وكما أن المنافسة هي الحكم في ظل وفرة الطلب ، فإن المعيار هو الجودة وتبقى للجنة انتقاء الأعمال حسب مقاييسها ونظرتها وتقييمها
كلمة ختامية عن عالم الفن؟
عالم الفن صعب ومليء بالمطبات ،إنه أشبه بمتاهة ، خاصة حين يضع القدر في طريقك أشخاصا من أصحاب النوايا السيئة إن لم أقل أكثر، تعرضت للإذلال والاستغلال، ولكنني فضلت الصمت لكي لا تشوب اسمي شائبة
مهنتي هي الكتابة ، أمارسها حبا وشغفا، وما زلت إلى الآن مغرما بالقراءة حيث أقرا كل ما يقع بين يدي
في الأخير لدي أعمال تاريخية وطنية أرجو أن تتاح لها فرصة الخروج للوجود