قصيدة للشاعر إدريس زايدي
يُوسُفُ لَمْ يَعُدْ
——
هُنَا أَلْفُ مَعْنىً وَأَلْفُ مَقَامْ
وَظِلُّكَ خَلْفَ الْجِدَارِ اُمْتِحَانُ اُلْعِبَارَهْ
فَمَنْ يُوقِفُ اُلصَّحْوَ مُرتَفَعاً وَإِشَارَةْ
لِأَرْكَبَ جُبَّتَهَا سَفَراً
كَاُلْحَمَامِ عَلَى غَيْمَةٍ سَافِرَهْ
هُنَاكَ أُحَدِّثُ فِي اُلنَّفْسِ نَفْسِي
إِذَا مَا تَيَسَّرَ فِي اُلطُرُقَاتِ اُلْكَلاَمُ
وَكَانَ اُلْكَلاَمُ
يُشَذِّبُ أَغْصَانَ نَخْلَتِهِ
كُنْتُ فِيهَا كَسَعْفٍ بِسَبْعٍ عِجَافٍ
تُكَلِّمُنِي مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
فيُدَثِّرُنِي اُلتَّمْرُ
حِينَ يُسَائِلُنِي كَمْ لَبِثْتُ بِدارِهْ
أُسَوِّي اُلْمَغَارَةَ حِبْرَ قَمِيصٍ
تَقَطَّرَ خَمْرَةَ جَوْنٍ
قُلْتُ لَهَا أَرِنِي اُلْعَنْكَبُوتَ
لِتُسْعِفَنِي اُلْكَأْسُ
فَكُلُّ حُرُوفِ اُلْقَبَائِلِ اِسْتَنْفَذَتْهَا اُلْحُرُوفُ
وَمَا صَدَقَ اُلْعَابِرُونَ بِصَدْرِي
وَقَدْ أَكَلَ اُلظِّلُّ مِنِّي
بَلَغْتُ تَجَاعِيدَهُ فِي اُلنِّهَايَاتِ
شَكْلاً لِأُمٍّ لَهَا أَرْبَعُونَ أَمَارَةْ
وَأُخْرَى تُلاَمِسُ رُكَنَ اُلسِّتَارِ
مَجَازاً تَمُوتُ وَتَحْيَا كَصَفْصَافَةٍ
حَمَلَتْ جَمْرَهَا
حَطَباً يَلْعَنُ اُلْحَرَّ يَسْلُكُ جِسْمِي
وَيَتْرُكُ نِصْفاً فَيَسْرِي
كَمَا يَحْتَسِي اُللَّيْلُ وَجْهَ اُلنَّهَارِ
كَمَا لَمْ يَعُدْ يَعْتَرِينِي اُلْقَرَارُ
أَنَا اُلْوَاقِفُ اُلْمُسْتَثَارُ بِمُنْتَصَفِ اُلرُّؤْيَةِ
لاَ أَرَى اُلْجُبَّ يَذْكُرُنِي
أَجْدِفُ اُللَّوْنَ فِي اُلْكَلِمَاتِ
أُوَشِّي غِطَاءَ اُلْمَرَايَا كَيْ لَا أَرَانِي
وَقَدْ خَفَتَتْ فِي اُلضِّيَاءِ عُيُونِي
وَمَالَتْ وُجُوهُ اُلْحَنَايَا
تَمَدَّدُ مِثْلَ الْأَفَاعِي عَلَى عُنُقِي
تَحْمِلُ اُلدَّفَّ ذِكْرَى
تُعِيدُ لِأَسْتَارِ بَيْتِي اُلْبَهَاءَ
وَأَشْرَبُ قَهْوَةَ أُمِّي بِأَعْشَابِ ظِلِّي
فَيَنْهَضُ فِيَّ اُلْغُرُوبُ
خُذِينِي بِحِمْلِ اُلصَّهِيلِ أَرَاكِ
كَأُولَى اُلسَّنَابِلِ أُمِّي
آخِرِ دَفِّ اُلْمَنَاجِلِ
حِينَ تَقُولِينَ مَا قُلْتِ
وَلِي قُلْتُ
هَذَا وَلِيدُكِ يَمْشِيهِ زَنْبَقَةٌ
وَاُلزَّنَابِقُ زَرْقَاءُ مُشْرَعَةٌ وَسَرِيعَهْ
مِثْلَ عُيُونِ اُلْقِطَارَاتِ
وَحِينَ تَغَامَزُ بَيْنَ وَرِيدِ اُلْوَرِيدِ
أَبُثُّ بِدَاخِلِ جَوْفِي اُلْمَدَاخِنَ
أَلْهَثُ كَاُلْعَقْرَبَيْنِ أَنْ
أَصِلَ اُلرِّيحَ قَبْلَ اُنْطِلاَقِ اُلْهُبُوبِ
وَأَمْشِي اُلشَّوَارِعَ تَحْتَ اُلْأَدِيمِ وَتَمْشِي إِلَيَّ
فَتَغْزُو حُقُولاً مِنَ اُلْقَمْحِ فِي غَزَوَاتِ اُلْجَنُوبِ
وَأَكْتُبُ لِلَّهِ أَنَّ اُلْخَرَائِطَ أَتْعَبَهَا اُلْحِبْرُ بَيْنَ اُلسُّلاَلاَتِ
لَمَّا حَمَلْنَ اُلْأَمَانَةَ
أَطْفَأْنَ زَيْتاً عَلَى سَفَرِ اُلْغُرَبَاءِ
وَكُنْتُ كَمَا هُمْ سَبِيّاً
أُعِيدُ اُلسُّؤَالَ بِرَاحَةِ كَفِّي
أَعُدُّ أَسَامِي اُلْهُبُوطِ إِلَى اُلْأَرْضِ
وَلَمَّا تَلَعْثَمْتُ فِي أَوَّلِ اُلصُّحُفِ
فَرَّ مِنِّي اُلسُّؤَالُ
وَتُهْتُ عَلَى اُلْجِسْرِ أَهْذِي
يُرَوِّعُنِي اُلنَّهْرُ
وَاُخْتَلَفَ اُلْيَوْمُ بَيْنَ اُلْمَسَافَاتِ يَبْحَثُ عَنِّي
فَمَرَّ اُلرَّبِيعُ وَمَرَّ اُلْغَرِيبُ
وَمَرَّ اُلْخَلِيلُ بِأَلْفِ خَلِيلٍ
وَلَا مَاءَ يَشْرَبُنِي، فَكَيْفَ سَأَشْرَبُهُ وَاُلْعَقَارِبُ مُنْتِنَةٌ فِي اُلدَّوَارِ
تُرَاقِصُ جُرْحَ اُلْمَسِيرِ كَسِيرَةِ أُولَى اُلْمَخَاضِ
تُحَدِّقُ فِيَّ وَتَنْآى بِحَرْفٍ
جَرَى فِيهِ وَحْيُ اُلْمَسَاءِ نَبِيّاً
يَدَاهُ تَعَمَّدَتَا بَارِجَاتِ اُلسَّمَاءِ
وَغَنَّى بِحُلْمِ اُلضَّعِيفَيْنِ يُوسُفَهُ
وَلَمَّا تَخَلَّفَ فِيَّ اُلتَّآوِيلُ
لاَ مَنْ يَهُشُّ رُؤَايَ
نَزَلْتُ وَحِيداً أُؤَوِّلُ غَيْمَ اُلْمَجَالِي وَبَحْرَ اُلْخَيَالِ
وَمِنْ دَمِيَ اُلشَّارِدِ اُلْمُنْتَشِي بِقَمِيصِي
أُجَرْجِرُنِي كَاُلْمُحَالِ
وَأَتَّهِمُ اُلْحُسْنَ فِي كُلِّ حَسْنَاءَ
مَرَّتْ بِبَابِ اُلْخَيَالِ لِتَسْلُكَ حَتْفِي
نَمُوتُ مَعاً
نَخْتَفِي فِي اُلتُّرَابِ
وَنَذْرُو اُلرِّيَاحَ أَصَابِعَ أُخْرَى
تَقُولُ السَّمَاءُ اُلْغَرِيبَةُ :
غَيْرَى اُلنُّجُومِ تُحَرِّضُنِي أَنْ أَسِيرَ بِهَا
وَمَا تَرَكَتْ بِدُولاَبِهَا غَيْرَ فَتِيلٍ
يُقَلِّبُ كَيْلَ اُلْمَسَافَاتِ
لِيُوسُفَ تُلْقِي اُلْإِشَارَة
فَتَحْكِي لَهُ…
لِتَدْخُلُ حِيناً مِنَ اُلدَّهْرِ تَأْوِيلَهُ وَعِشَارَهْ