قراءة في فيلم “المسيح المضاد” للمخرج لارس فون ترير
“فيلم “المسيح المضاد
“دَعنِي أَنتَحِب، عَلَى مَصِيرِي المُؤلِم، دَعنِي أُعانِق الحُرِيَة”. بِتَراتِيلٍ أُوبِرَالِية مِن مُوسِيقَى “هَاندِل” يَفتَتِحُ “لارس فون ترير” فِيلْمَهُ “عَدُوُ المَسِيح”، رُبَّمَا بِنظرَةٍ سَطحِيَة لِلفِيلم سَتظُن أَن المُخرِج حَاقِدٌ عَلَى النِسَاء، ولَكِن واقِعُ الأَمرِ مُختَلِف فَقَد استَخدمّهُ بِطَرِيقَةٍ بَدِيعَة لِلانخِرَاطِ فِي مَوضُوع مُؤلِم وتَسلِيط الضَوء عَلَى المَآسِي التِي يُمكِن أَن تَتَكَررْ فِي حَالِ استَمرَ كِلَا الجِنسَينِ بِالعَيشِ فِي أَدوَارٍ مَحدُودَة فَرَضَهَا عَليهم تَارِيخُ الإِنسَانِيَة، فَبَسطُ السَيطَرَة الرُجُولِيّة عَلى المَرأة بِلَا احتِرَامٍ لِاحتِيَاجَاتِها، يَخلِقُ شُعُوراً آثِماً بِالإِحبَاطِ والعَجزِ والأَلَم، ومَعَ نِهَايَةِ الفِيلْم نَرَى أَنَّ البَطَلة قَد آَمنَّت بَأنّ رَغبَاتِها قد أدّت فِعلاً إِلَى مَوتِ طِفلَها وإن كانَ واقِعُ الأمرِ غيرَ ذلِك، وفي كلِّ مرةٍ تَسمَح النِسَاء لِهَذَا الدَورِ السَلبِي أَن يَفرِضَ حُكمَه عليهِنَّ وتَرفُضنَ المُطالَبَة بِدوَافِعِهِنّ التِي تَنبُع مِن ذَاتِهِنّ الحَقِيقِية وتَفَاعُلاتِهِن الذَاتِية والنَفسِيَّة فَهُن يُخاطِرنَ فِي تَمكِين أَقبَحِ رِسَالَةٍ أنْتَجَتها البَشريَّة وهِيَّ بِأَنَّها خَاطِئَةٌ حَتّى النِهَايَة. رِسَالَةٌ بَدأها أرُسطُو وأَفلّاطُون وتَبِعَهُم بِإحسَان هِيغِل وكَانط ورُوسُو وكانَ أكثَرَها تَطَرُفاً مَا تَحَدّثَ بهِ “ترتليان” حِين أَعلَنَ صَراحَةً بِكلماتٍ هَمَجيّة “إِنَّكِ بَوَابَةُ الشَيطَان، ومِفتَاحُ الشَجَّرَةِ المَحظُورَة والزَانيّة الأُولَى بِنَوامِيسِ الآَلِهَة”
فِي المَشهَدِ الأَخِير مِنَ الفِيلمِ يقف البَطَل “وِيليَام دِيفو” على تَلّةٍ ويَجِد نَفسَهُ مُحاصَرّاً بأَرتَالٍ مِنَّ النِسَاء اللّواتِي لَا مَلَامِحَ لَهُنّ، يَمشِين بِصمْتٍ وكَأنَّهُنَّ بِجنَازَةٍ بَكمَاء، رُبما كان “فون ترير” يَقُول لِلنِسَاءِ هَذَا مَا سَيَحدُث إِذَا سَمَحتنَّ لَأنفُسِكِنَّ بِالاِنجِرارِ ورَاءَ تِلكَ الصُورَةِ النَمَطيّة السَائِدة عَنكُنّ، وستُمسُونَّ بلا وُجُوهٍ أو تَعابِير، لَأن ذَلَك التَنمِيطُ سَيُغطِي عَلى الوَاقِع
المُهنَّدْ النَاصِرْ