التشكيلي نورالدين تبيت
التشكيل والموسيقى والخط عالمي
نورالدين تبيت” فنان تشكيلي عصامي يجمع بين مواهب عديدة، إذ تمكَّن من أن يجمع بين الخط العربي والفن التشكيلي والموسيقى والمسرح، بفضل نشأته في وسط فني يؤمن بقيمة الفن والإبداع، فضلا عن تلقيه لتكوينات علمية وعملية متعددة الطابع والاتجاه، ولعل هذه العوامل المختلفة كان لها أثر بيِّن في حياته، إذْ عمِلت على صقْل شخصيته وجعلت منه فنانا يدرك إلى اي حد تمتد الموهبة وترقى إلى مستوى الاحتراف. لم يتلق تعليما أكاديميا في مجال الفنون التشكيلية بالمعاهد أو الجامعات، لكن شغفه الكبير بالفنون التشكيلية منذ نعومة أظافره وافتتانه به لدرجة الهوس، جعله يعتبر الفن كالماء والهواء، بل يمثل عالم وجوده
ولج الفنان تبيت مسيرته الفنية في فن العزف على آلة الكمان منذ سن الثانية عشرة من عمره، حيث تمكَّن من أن يضبط آليات اشتغالها ويروِّضها بطواعية ، لينتقل إلى العزف على العود، الذي صار يستجيب لمغازلة أنامله بشكل طيع و مميز الشي الذي أهله للعمل مع كبار الموسيقيين والفنانين المغاربة في العديد من المهرجانات و المناسبات. لقد أحب الموسيقى حبا شديدا وتعلق بها متأثرا في ذلك بوالده الذي كان عازفا بدوره على آلة العود وآلة الكمان، وقد أقر انه يعتبر الوالد فخرا ومثلا أعلى، لأنه وشم بصمات جلية في حياته وفي تكوينه الموسيقي. و بالإضافة إلى هذا الوله بالموسيقى، التفت إلى عالم الخط العربي الذي شكَّل منذ سن الرابعة عشرة منحى آخر لاهتمامه ، بحيث شَرع في تطويع أبجديات الخط العربي وضبط ميكانيزمات وأشكاله وأنماطه واتجاهاته عبر مخالطته للخطاطين الذين كانوا يتوافدون على دار الشباب بمدينة الجديدة ، و من تم نمت قدراته وكفاءاته وبرزت موهبته في تشكيل الخطوط بتقنية عالية ، فوسط هذا المناخ الفني انبثقت تجربته في الفن التشكيلي، بدء من مداعبة قلم الرصاص بين أنامله إلى رسم كل ما تشاهده عيناه من رسومات على صفحات مجلات الأطفال. وبعدما ولج المدرسة ، كانت الانطلاقة الفعلية إلى الرسم بالألوان الخشبية والصباغة المائية، مما جعل هذه التجربة الفنية تمثل حافزا قويا دفَعَه لخوض غمار المنافسات في مسابقات محلية كانت تنضم بمدينة الجديدة، وهنا أتيحت له الفرص ليَتبَوَّأَ ويَشْغَلَ المراتب الأولى ويَكْسِب بموجب ذلك جوائز عديدة في مجال الفن التشكيلي، بحيث أنجز جداريات بالمؤسسات التعليمية، و تبنى منهجا فنيا رصينا مبنيا على أصول الفن التشكيلي ومبادئه وتقنياته، مع العناية بالتفاصيل والجزئيات الدقيقة المرتبطة بما يقدم من أعمال ، بغية إضفاء البعد الواقعي والطبيعي على ما يبدع ، لتكون أقوى تعبيرا وأشد إيحاء
يمكن تصنيف العمل الفني للفنان تبيت ضمن المنهج الطبيعي الواقعي، ولعل هذا الخط الفني هو ما يفسر الاهتمام الكبير بالفرس العربي الأصيل الذي يطغى على جل أعماله ، إذ جعله موضوعا يشغل حيزا كبيرا ضمن ما أبدعت يداه من رسومات ولوحات جعلت المتلقي يبقى مشدودا إلى تفاصيل اللوحة وجزئياتها الدقيقة ، وما ولع الفنان بالفرس العربي الأصيل، الا لكونه يحظى بمرتبة مميزة وعريقة في الأدب والثقافة العربية والإسلامية عموما ،وهذا ما جعل الفنان يعتبره رمزا للأصالة والجمال والقوة الجامحة، والشهامة والخير الوفير. انه يرى أن الفن في العمق مصدر للبحث عن الطابع المميز لكل تجربة لدى كل فنان يعتمد الأصالة لا التكرار والاجترار، من هنا تتجلى التجربة الفنية للفنان تبيت في بصمات جلية ضمن سياق التواصل والتفاعل، وسط تجارب فنانين تشكيليين مغاربة وأجانب بكل تواضع وبحث نحو أفق أفضل. لقد شارك الفنان في معارض عدة كانت أولاها في فضاء دار الشباب بمدينة الجديدة سنة 2002، ثم توالت بعد ذلك مساهماته ومشاركاته الفنية في معارضَ عديدة، أهمها كان المعرض الذي أقيم بالأردن، ومعارض عديدة في مدن مختلفة بالمملكة ، الشيء الذي ترك انطباعات جيدة لدى الفنانين والتشكيليين و النقاد والزوار
وعن تأثير بعض الأسماء في تجربته التشكيلية، يقر الفنان ويعترف بالاستفادة الكبيرة من تجاربه واحتكاكه مع فنانين تشكيليين مغاربة وأجانب، نذكر من بينهم: الفنانة التشكيلية فاطمة الزهراء زرياب، والمرحوم المسلم فيليب فريس، أيمن؛ بحيث كان لهذين الفنانين الفضل الكبير في ترسيخ خطواته في مسار الفن التشكيلي المهني والتكوين الفني وفق أصول اكاديمية
يعتكف الفنان نور الدين تبيت الآن على تدريس الفن التشكيلي وفن الخط العربي وفن الموسيقى، وما زال يبحث عن تقنيات جديدة يصقل من خلالها ويطور عبرها تجربته الفنية، وهو الذي يؤمن بإمكانية تطوير هذه التجربة لتأخذ مدى أكثر عمقا، ويأمل تمريرها إلى الجيل الجديد الذي له مؤهلات كبيرة ، غير أنها مخبأة و تستحق النبش للعثور عليها وإبرازها للوجود وخصوصا لدى فئة كبيرة من الأطفال والشباب وحتى النساء
لن نترك الفرصة تفوتنا دون الاشارة إلى هذا الفنان الشاب، الذي يشتغل للتحضير لمعرض تشكيلي قادم مع مطلع العام القادم، رفقة الفنانة التشكيلية فاطمة الزهراء زرياب، وسنعود للتفاصيل في حينها
محطات في سيرة الفنان “نور الدين تبيت” المهنية
يشتغل مدرسا لمادة التربية التشكيلية والموسيقى والخط العربي لفائدة الأطفال والنساء، والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بجمعية “دار Z آرت للثقافة والفنون” بالجديدة؛
أستاذ مادة التربية التشكيلية بالمركب الثقافي التابع لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بالجديدة؛
أستاذ مادة التربية التشكيلية بالمدارس الابتدائية القروية للمديرية الإقليمية للتربية والتعليم، بشراكة مع المركب الثقافي التابع لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بالجديدة؛
عضو فعال بجمعية “دار Z آرت للثقافة والفنون” بالجديدة
عضو بجمعية “رواق الفن للتعبير الذاتي والحفاظ على التراث” بالجديدة