هل دخل التنظيم الذاتي للصحافة إلى النفق المسدود؟
الهوك: أدت عشرة إشكالات إلى عرقلة المجلس الوطني للصحافة، بعد عقد كامل من دسترة التنظيم الذاتي للمهنة
د. محمد كريم بوخصاص
د. محمد كريم بوخصاص باحث وصحافي، يُدَرّس الصحافة والإعلام بالمعهد العالي للصحافة والاتصال بالدار البيضاء، ويقدم محاضرات كأستاذ زائر بجامعات مختلفة. حاصل على درجة الدكتوراه في علوم الإعلام والتواصل من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وتناولت أطروحته دينامية التأثير في الصحافة المغربية وتجلياته في الممارسة المهنية. وينشر دراساته في مجلات علمية محكمة ومراكز أبحاث دولية منها مركز الجزيرة للدراسات. ويجمع بين البحث الأكاديمي والعمل الصحافي في أسبوعية “الأيام”. وقد نشر العديد من التحقيقات الاستقصائية، حاز بعضها على جوائز وطنية ودولية، بما في ذلك “الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة” مرتين (2022-2018)، و”جائزة الاتحاد الأوروبي لإعلام الهجرة” (2019)، و”الجائزة الوطنية للصحافيين الشباب”(2018)، و”جائزة بروميثيوس لأفضل تحقيق صحافي حول المالية العمومية” (2020)، فضلا عن ذلك تم ترشيحه مرتين لجوائز الإعلام العربي التي ينظمها نادي دبي للصحافة (2017 و2019)
دراسة د. محمد كريم بوخصاص حول ما تعرفه الساحة الإعلامية من هزات في المدة الأخيرة ، منشورة في المعهد المغربي لتحليل السياسات، ونعيد نشرها حتى يستفيد الكل من وجهة نظر رجل متمرس في مجال الإعلام. المقال سينشر في حلقات متتابعة
ملخص تنفيذي
تعد موافقة الحكومة على مشروع قانون يهدف إلى إنشاء لجنة مؤقتة لإدارة قطاع الصحافة والنشر، وذلك بديلاً عن المجلس الوطني للصحافة، خطوة للوراء في مسار التنظيم الذاتي للصحافة. وبالرغم من الانطباع الأولي الذي يبدو وكأن القرار الحكومي يهدف إلى تخطي الوضعية التنظيمية المعقدة للمجلس الوطني للصحافة، فإن نظرة شاملة تكشف عن محاولة الحكومة للسيطرة والتراجع عن المكتسبات المحققة في هذا القطاع، وسط انقسام حاد بين الهيئات النقابية والمهنية بين داعم لخطوة الحكومة ورافض لها. وبعد تقييم التجربة التأسيسية للمجلس الوطني للصحافة، واستعراض الإشكالات التي يطرحها تكوين اللجنة المؤقتة سواء على مستوى تكوينها أو أجندتها، قدمت الورقة حلولا للخروج من المأزق تدور حول مبادئ التعددية والانتخابات والحكامة
مقدمة
في يوم 13 أبريل 2023، وافقت الحكومة على مشروع قانون[1] يهدف إلى إنشاء لجنة مؤقتة لإدارة قطاع الصحافة والنشر، وذلك بديلاً عن المجلس الوطني للصحافة الحالي. وتم تحديد فترة تكليف اللجنة لمدة سنتين، بدءًا من تاريخ تعيين أعضائها، إذا لم يتم اختيار أعضاء جدد خلال هذه الفترة. يعود سبب هذا القرار إلى سعي الحكومة لتصحيح الأوضاع غير القانونية التي قد تنشأ جراء قرارات المجلس الحالي، الذي لم يتمكن من إجراء انتخابات جديدة على الرغم من تمديد فترة تكليفه بشكل استثنائي[2] لمدة ستة أشهر ابتداء من شهر أكتوبر 2022. وهذا يعكس رغبة الحكومة في إيجاد حل مؤقت لهذه المشكلة، بدلاً من تأجيلها إلى ما بعد هذه الفترة
وتمثل هذه الخطوة تحولا في المجلس الوطني للصحافة يضعه على المحك، خاصة أن مشروع القانون الذي لن يدخل حيز التنفيذ قبل المصادقة عليه في البرلمان ونشره في الجريدة الرسمية، ينص على تكليف اللجنة المؤقتة بتنفيذ المهام المحددة في المادة الثانية من القانون[3]، ويشمل ذلك التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومنح بطاقة الصحافة المهنية، وتتبع حرية الصحافة، بالإضافة إلى النظر في القضايا التأديبية التي تتعلق بالمؤسسات الصحافية والصحافيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق الأخلاقيات، وأيضا العمل على توفير الشروط الملائمة والكفيلة بتطوير القطاع وتنمية قدراته. كما يسند هذا المشروع للجنة اختصاصين جديدين[4]، يتمثلان في تعزيز أواصر علاقات التعاون والعمل المشترك بين مكونات الجسم الصحافي وقطاع النشٍر، والتحضير للانتخابات الخاصة بأعضاء المجلس الواجب انتخابهم وتنظيمها
وعلى الرغم من الانطباع الأولي الذي يبدو وكأن القرار الحكومي بتشكيل لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر يهدف إلى تخطي الوضعية التنظيمية المعقدة، فإن نظرة شاملة تكشف عن محاولة الحكومة للسيطرة والتراجع عن المكتسبات المحققة في التنظيم الذاتي للصحافة. ويأتي هذا في ظل انقسام حاد بين الهيئات النقابية والمهنية، حيث يدعو بعضهم إلى تصحيح الوضع عبر إجراء انتخابات ديمقراطية، فيما يطالب البعض الآخر بأولوية تعديل القوانين التنظيمية للمهنة لتجاوز الاختلالات التي رافقت مرحلة التأسيس
أولا: منعطف اللجنة المؤقتة: الاستقطاب الحاد
تم إنشاء المجلس الوطني للصحافة كهيئة مهنية مستقلة، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي[5]، كأحد أهم مستجدات مدونة الصحافة والنشر لسنة 2016، ويهدف بالأساس إلى التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ووضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة المهنة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها. ويمنح المجلس بطاقة الصحافة المهنية، التي كانت تُمنح من قِبَلِ وزارة الاتصال سابقًا، ويقوم بدور الوساطة في حل النزاعات القائمة بين المهنيين، وتتبع احترام حرية الصحافة، ومراقبة احترام أخلاقيات المهنة، وتقديم الرأي في شأن مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالمهنة، وإعداد الدراسات المرتبطة بالقطاع[6]
ويتألف المجلس من واحد وعشرين (21) عضوا، حيث ينتخب سبعة أعضاء من الصحافيين المهنيين بمراعاة تمثيلية مختلف أصناف الصحافة والإعلام، وسبعة من ناشري الصحف، وسبعة أعضاء يتم تعيينهم من المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الوطني للغات والثقافة والمغربية، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، واتحاد كتاب المغرب وناشر سابق تعينه هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية، شريطة أن يكون هؤلاء الممثلون لهم خبرة في ميدان الإعلام والصحافة. ويتعين في تأليف المجلس السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة. كما تعين الحكومة مندوبا لدى المجلس يعهد إليه بمهمة التنسيق بين المجلس والإدارة، ويحضر الاجتماعات بصفة استشارية
ويعيش المجلس وضعا استثنائيا منذ الرابع من أكتوبر 2022، بسبب انتهاء فترة انتداب أعضائه دون تنظيم انتخابات جديدة، وتمديد عمر المجلس لستة أشهر بشكل استثنائي من قبل الحكومة، وذلك لضمان استمرار المجلس في أداء مهامه وفقا لمدونة الصحافة والنشر[7]. ولم يتم تنظيم الانتخابات خلال فترة التمديد، التي كان من المفترض أن تكون مرحلة انتقالية، بسبب اختلاف مواقف الجمعيات المهنية والنقابية الممثلة في المجلس حول الطريقة التي يجب اتباعها لتجديده. وقد ظهر هذا الخلاف بشكل واضح في النقاش الذي عرفه اليوم الدراسي المنظم من طرف مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) في دجنبر الماضي، حول “الإعلام الوطني والمجتمع: تحديات ورهانات المستقبل”[8]، بمشاركة وزير الشباب والثقافة والتواصل ورؤساء الفرق البرلمانية وفاعلين مؤسساتيين ومهنيين في مجال الإعلام والصحافة
وبعد ظهور رغبة واضحة في التخلي عن مبدأ الانتخاب في قانون جديد يقضي بتعديل المجلس الوطني للصحافة[9]، قدمت الفرق البرلمانية المختلفة[10] مقترحات جديدة[11]، بما في ذلك مبدأ الانتداب من قبل الهيئتين الأكثر تمثيلية [12]بدلاً من الانتخاب، وتعيين الرئيس من قبل الملك[13]، ورفع ولاية المجلس إلى خمس سنوات بدلاً من أربعة[14]، ورفع عدد أعضائه من 21 إلى 23 عضوا[15]
وفي 4 أبريل 2023، دخل المجلس في وضعية “فراغ قانوني” بعد انتهاء مدة التمديد. ولتلافي ذلك، صادقت الحكومة في اجتماع مجلسها الحكومي المنعقد يوم 13 أبريل على مشروع قانون تقدم به وزير الثقافة والشباب والتواصل. وينص المشروع على َنقل صلاحيات المجلس إلى لجنة مؤقتة لتدبير شؤون الصحافة والنشر. تتألف هذه اللجنة، علاوة على رئيس المجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته بصفته رئيسا، من ثمانية أعضاء آخرين، وهم نائب رئيس المجلس المنتهية ولايته بصفته نائبا لرئيس اللجنة، ورئيس لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية المنتهية ولايته، ورئيس لجنة بطاقة الصحافة المهنية المنتهية ولايته، وثلاثة أعضاء يعينهم رئيس الحكومة من بين الأشخاص المشهود لهم بالخبرة والكفاءة في مجال الصحافة والنشر والإعلام، وقاضٍ ينتدبه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعينه رئيس هذا المجلس[16]
إثر ذلك، تباينت ردود الفعل بين ناشري الصحف والصحافيين، حيث دعت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال التابعة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، في بيان مشترك، إلى “تجميد مشروع قانون إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر”، واصفتين إيّاه بأنه “غير دستوري وعبثي واستئصالي يضرب استقلالية الصحافة وحق الصحافيين في اختيار من يمثلهم”[17]، بينما رحّبت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين بمصادقة الحكومة على مشروع القانون المذكور، معتبرة أنه “يهدف إلى تصحيح الوضع غير القانوني الذي ستؤول إليه قرارات المجلس الوطني للصحافة، ويضمن السير العادي لقطاعي الصحافة والنشر”[18]
كما عبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية في بيان، عن “مساندتها المطلقة لمبادرة تشكيل لجنة مؤقتة”[19]، معتبرة أن “مناقشة التطورات المتعلقة بالمجلس الوطني للصحافة لا يمكن فصلها عما عرفته مرحلة التأسيس من اختلالات تعود بالأساس إلى العيوب الكثيرة والثقوب المتعددة في القوانين المنظمة للمهنة، خصوصا القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة وقانون الصحافة والنشر”. أما نادي الصحافة بالمغرب فقد ندّد في بيان بـ”التدخل في تسيير وتدبير المجلس الوطني للصحافة”[20]، معتبرا أن إحداث اللجنة المؤقتة “خارج السياق العام للمنظومة القانونية الوطنية”
وانتقلت ردود الفعل إلى أوساط حزبية، لاسيما المعارضة البرلمانية، إذ عبر حزبي العدالة والتنمية والاشتراكي الموحد المعارضين في بيانين عن رفضهما خطوة الحكومة، بعدما اعتبر الأول أنها “تراجعية تطعن في الصميم المكتسبات الديمقراطية التي راكمتها بلادنا”[21]، واستنكر الثاني “سعي البعض للخلود في تمثيلية الصحافيين والناشرين ذريعة لتأجيل التغييرات والإصلاحات الضرورية للقطاع”[22]. أما التقدم والاشتراكية فأعلن عن موقف من خلال أمينه العام، الذي اعتبر تشكيل لجنة مؤقتة “كارثة حقيقية تنطوي على محاباةٍ فاضحة”[23]، وأيضا من خلال رئيس فريقه بمجلس النواب الذي أعلن أن “الفريق سيصوت ضد المشروع الذي يعتبر تدخلا في التنظيم الذاتي للصحافة من الجهاز التنفيذي”[24]، مشددا على أن هذا المشروع “بعيد عن الممارسة الديمقراطية التي كرسها دستور 2011”
كما برزت ردود الفعل السلبية في بيان منظمة “مراسلون بلا حدود”[25]، التي اعتبرت أن اللجنة المؤقتة التي شكلتها الحكومة لتسيير شؤون المجلس الوطني للصحافة “تهدد استقلال المهنة، وتبعث على الشك في استقلالية التنظيم الذاتي للصحافيين”[26]. بالمقابل، تعتبر الحكومة أن المشكل في “القانون المؤطر للمجلس الوطني، لاسيما في الجانب المتعلق بالجهة المشرفة على تنظيم انتخابات المجلس”، وترى أن “المادة 54 من القانون تتحدث عن تأسيس المجلس الوطني للصحافة ولا تحدد هذه الجهة، لذلك يحتاج القانون مراجعته وفق مفهوم مؤسساتي يتجاوز الأفراد والأشخاص”[27]
ثانيا: ملاحظات على هامش التأسيس
إن إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر ليس أول منعطف في مسار التنظيم الذاتي للصحافة. فهذه التجربة واجهتها تحديات منذ مرحلة التأسيس الأولى، بسبب التأخير في إقرار النص التشريعي الخاص بالمجلس الوطني للصحافة. وبين 29 يوليوز 2015، تاريخ مصادقة الحكومة على مشروع قانون يقضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، و7 أبريل 2016، تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، استغرق إقرار هذا النص القانوني الهام المرور بمراحل عديدة. وكانت البداية بإحالة مشروع القانون إلى مجلس النواب يوم 28 أكتوبر 2015، الذي أحاله بدوره إلى لجنة التعليم والثقافة والاتصال يوم 4 نونبر 2015. وتم تقديم المشروع أمام هذه اللجنة يوم 17 نونبر 2015، التي أنهت دراسة مواده والمصادقة عليه يوم 26 دجنبر 2015، ليمر إلى المرحلة الموالية المتمثلة في المصادقة عليه في جلسة عامة لمجلس النواب يوم 23 دجنبر 2015
وبعد استكمال مسطرة التصديق عليه في الغرفة الأولى للبرلمان، جاء دور مجلس المستشارين الذي أحيل إليه في نفس اليوم، وقام بإحالته إلى لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية يوم 30 دجنبر 2015، كما يقتضي الاختصاص الموضوعي. وفي 6 يناير 2016 أنهت اللجنة المعنية مناقشته ودراسة مواده، لتصادق عليه في 25 يناير 2016، ومن ثم جاءت مصادقة الغرفة الثانية في جلسة عامة بتاريخ 2 فبراير 2016. ونظرا لكون مجلس المستشارين أدخل جملة تعديلات، فقد تمت إحالة النص القانوني من جديد إلى مجلس النواب من أجل قراءة ثانية يوم 3 فبراير، لتوافق اللجنة المختصة على التعديلات في نفس اليوم، وتحظى بموافقة المجلس في جلسة عامة يوم 9 فبراير، لكن النص بقي في الأمانة العامة قرابة شهرين قبل أن ينشر في الجريدة الرسمية في 7 أبريل 2016
غير أن التأخر الملحوظ شمل نشر المراسيم التطبيقية لهذا القانون أيضا، والتي لم تخرج إلى حيز الوجود إلا بعد مرور ثلاث سنوات، تحديدا في العام 2019، ويتعلق الأمر بكل من مرسوم بتحديد كيفيات منح بطاقة الصحافة المهنية وتجديدها[28]، ومرسوم بتعيين مندوب الحكومة لدى المجلس الوطني للصحافة[29]
الأمر نفسه ينطبق على انتخابات تشكيل المجلس التي عرفت بدورها تأخيرا غير مفهوم، إذ أجريت في 22 يونيو 2018 بعد مضي أزيد من عامين على ميلاد القانون المنظم، في وقت انطلق التحضير لها في 2 أبريل 2018 بتكوين لجنة الإشراف على عملية انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين وناشري الصحف[30] المنصوص على تأليفها في المادة 54، والتي تشكلت من قاضٍ منتدب من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بصفته رئيسا، وممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وممثل عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وممثل عن نقابة الصحافيين المهنيين الأكثر تمثيلية[31]، وممثل عن هيئة ناشري الصحف الأكثر تمثيلية[32]. ولم يستكمل عقد المجلس الوطني للصحافة إلا في 5 أكتوبر 2018 مع انتخاب الرئيس ونائبه
وتحدد مدة انتداب أعضاء المجلس في أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة[33]، ولأجل الاضطلاع بالمهام المسندة إليه، يحدث المجلس خمس لجان، بمقتضى المادة الثانية عشرة من قانون إحداثه، وهي: لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، ولجنة بطاقة الصحافة المهنية التي يجب أن يرأسها صحافي مهني من أعضاء المجلس، ولجنة التكوين والدراسات والتعاون، ولجنة الوساطة والتحكيم التي يجب أن تعود رئاستها لممثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ولجنة المنشأة الصحافية وتأهيل القطاع التي يتولى رئاستها ناشر للصحف عضو بالمجلس. ويجوز للمجلس، عند الاقتضاء، إحداث لجان موضوعاتية أخرى
وينتظم عمل لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية في إطار مقتضيات ميثاق أخلاقيات المهنة[34] الذي وضعه المجلس، وتسعى إلى احترامه والحرص على صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة[35]. بينما تختص لجنة بطاقة الصحافة المهنية بتلقي طلبات منح البطاقة سواء للمرة الأولى أو من أجل تجديدها[36]، ولجنة التكوين والدراسات والتعاون بإعداد التقارير والدراسات الموضوعاتية ذات الصلة بقطاع الصحافة، وبتهيئة الآراء الاستشارية التي تطلب من المجلس[37]. في حين تختص لجنة الوساطة والتحكيم بنزاعات الشغل بين الصحافيين والمؤسسات الصحافية المنظمة، والنزاعات المهنية بين الأشخاص الخاضعين لاختصاصات المجلس[38]. أما لجنة المنشأة الصحافية وتأهيل القطاع، فإنها تختص بدراسة مختلف القضايا الهيكلية والاقتصادية والإدارية والتنظيمية والقانونية والمالية والمهنية ذات الصلة بواقع المقاولات الصحافية ومستقبلها، وما يواجهها من إكراهات وتحديات، وكذا ما يتعلق بالدعم المقدم للمقاولات الصحافية[39]
وانطلاقا مما سبق، يمكن تسجيل ثلاث ملاحظات على سير العملية الانتخابية ومخرجاتها، ومنها
التأخر غير المفهوم في إخراج المجلس الوطني للصحافة للوجود، دون احترام المدة المنصوص عليها بشأن المرحلة الانتقالية، والتي كان يجب ألا تتجاوز سنة بعد صدور القانون، بمقتضى المادة 56 من قانون إحداث المجلس، لكنها تجاوزت السنتين
اعتماد نمطين مختلفين من الاقتراع يبعث على التساؤل حول الهدف منه، حيث تم التنصيص على الاقتراع الفردي بالنسبة إلى الناشرين واللائحي بالنسبة إلى الصحافيين المهنيين
ابتعاد تركيبة المجلس المنتخبة والمعينة عن المناصفة التي نصت عليها المادة الرابعة من القانون المحدث للمجلس، بعدما تبين وجود أربع نساء مقابل 17 رجلا، يمثلن 19 في المائة فقط من إجمالي الأعضاء
(يتبع)