قصيدة للشاعرة فدوى گدور


جدْوة نار أم صهوة؟
حين شهقت القصيدةُ في المدى
أيقنتُ أن اللغةَ أنثى من صدى
فاستعرتُ من الريحِ جنونَ مسيرها
لا لأراقصَ الشقائق، أو أغازلَ الندى
بل لأخبّئ الوجعَ في جُبّة النعمان
وأدسّ الألمَ في وحلِ الثرى.
منذ أدركتُ أن اللغةَ أنثى
طرّزتُ وشاحَها بأناملَ مدماة
بخيوطٍ من شوكٍ وحصى
لا لأزخرفَها…
بل لأُسيّجَ مرعى القصيد
إن تاهَ المعنى وانجلى.
منذ أدركتُ أنها أنثى
جمعتُ من بهائها نثارَ الحكايات
ومسحتُ بالقلبِ ارتجاجَ الهوى
صيّرتُ الآهاتِ والأنّاتِ نايات وأنغامًا
ورتقتُ من النزفِ كلماتٍ عذراءَ لم تُروَ
القصيدةُ ليست زينةَ شاعر
ولا نشيدًا يُرتّلُ سرًّا في الخفا
هي وشمُ من لا وطنَ له
هي وطنُ من سكنوا العراءَ بلا كِسا.
منذ عرفتُ أنها أنثى…
أنا لستُ أنا، ما عاد اسمي فدوى
لا وجهَ لي في مرآيا الذكرى
لا أثرَ لي…
أخطو على عكّازِ استعارات
أصبحتُ مجازَ أنثى
لا أنتمي لعشائرِ الحبرِ المصفّى
ولا أُبايعُ اللفظَ إنِ الدالُّ انذلّ أو انحنى
أنا نِصالُ الصرخة إذا انكسرتْ جرارُ الأسى
نيرانُ الصمت إذا تسعّرتْ جمارُ الجوى
أنا ظلالُ البوحِ على شفاه البُكم
حين تأبى الحروفُ أن تُفشي ما في الخفا.
رجمتم الصوتَ، لا لشيءٍ، سوى لأنه أنثى
وقلتم: “ذاك فتنةٌ، تلك عورةٌ!”
أفيُطمسُ الصدى، يا سادةُ، ويُنفى
وقد كُتب له الرُجعى؟!
الريحُ… لا تُهادن، لا تُساوم، لا تتوارى
ولا تُقيَّد في زنازين التمنّي وجبابِ الرجاء.
والمرأةُ، يا سادة…
إنْ خرست، كانت جدْوة نارٍ تحت رماد
وإن تجلّت، كانت صهوة…
كانت أصدق… كانت أوفى.
فدوى گدور/ المملكة المغربية